Translate

الاثنين، 12 يونيو 2023

منظومة ( الكون الأعظم) في المكان والزمان دكتور أحمد محمد عوف



 

منظومة ( الكون الأعظم) في المكان والزمان

دكتور أحمد محمد عوف قال تعالى: أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج.) سورة (ق).

وقال سبحانه: إن الله يعلم غيب السموات والأرض والله بصير بما تعملون .) سورة (الحجرات).

وقال جل وعلا: ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا .).سورة( نوح).

وقال جل شأنه: ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق وما كنا عن الخلق غافلين.). سورة (المؤمنون)

وقال سبحانه في سورة الأنبياء: وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بكم وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلهم تهتدون .).

وفي سورة النبأ قال سبحانه : وبنينا فوقكم سبعا شدادا .).

وقال في محكم تنزيله : قال ربي يعلم القول في السماء والأرض وهو السميع العليم.). سورة (الأنبياء )

قائمة المحتويات
   
مقدمة هذا البحث.
    تمهيد.
    السرعة التيكونية.
    هندسة الكون.
    عالم الذرة.
    لغة الكون.
    النشوء والارتقاء والفناء بالكون.
    المادة ومضادها.
    أفول النجوم.
    الثقوب السوداء.
    زراعة الحياة.
    إعادة اكتشاف الكون الخادع.
    قانون هبل.
    تأثير شيبرو.
    شواهد الكون الأعظم.
    الزمن الضائع.
    سرعة الضوء.
    الكثافة الكونية.
    الزمكان لإينشتين.
    الكثافة الذريةالحرجة.
    الكون المتقوس.
    الإنتفاخ الكوني.
    هيئة الكون الأعظم.
    المادة والفضاء.
    الطاقة المظلمة.
    الكون المتحرك.

العلماء لايصنعون الحقائق ولكنهم يكتشفونها، لأن مهمة الفيزياء ليست تحديد كيف تكونت الطبيعة، ولكنها تتناول ما يمكن أن يقال حولها. لأن كما يقول العالم "بول ديراك" عندما عبر عن الجمال الرياضاتي: "استخدم رياضيات متقدمة في بناء هذا الكون". لهذا فإن سمة الطبيعة جمال رياضاتي.

وأسرار الكون مكتوبة وتتوافد رسائلهاالضوئية إلينا من الأغوار وإن اختلفت أزمان وصولها . لكن مايعوزنا هي وسائل الاتصالات وإستقبالها من خلال الضوء الوافد من جوف الكون حاملا هذه الرسائل الكونية والتي بلا شك تضم حقائق علمية مذهلة .مما يوحي أن الكون المنظور يسير بقوة وسلطان وقد ذعن لهما إذعانا. ولايخرج في الفضاء عما رسم له من حد مكاني قدرله ومقدرله .وفيه نعرف جزءا من الحقيقة وليس كل الحقيقة .وليس للعبثية وجود فيه . فالسماء صامتة والنجوم خرساء لاتتحدث عن ذاتها من وراء الحجب إلا من خلال بصيص الضوء الذي يتوافد منها في صمت .وما أكثر من يفتشون بالسماء ليلا ليلتمسوا رؤية نجم أو مجرة بالسماء فلا يظفرون من الفضاء بشيء .وما أكثر الذين يتنصتون علي السماء فلم يسمعوا صوتها .كأن بينهم وبينهاحجابا صفيقا لاينفذ منه صوت بل موجات غير مسموعةأو حتي مرئية غير الموجات الضوئية والتي تعبر من أجواز الفضاء وقد نلتقطها أوقد تضل طريقها إلي تلسكوباتنا الراديوية التي تتجسس علي الفضاء لعلها تسمع همسة للتعرف علي وجود أحياء غيرنا بالكون .

=  وليتعرفوا علي دخائل هذا الكون الصامت ولم يبلغوا فيه من ذلك شيئا يذكر إلا قليلا ونذرا يسيرا. مما جعل العلماء يفكرون تائهين في ملكوت الكون حائرين في سبر أغواره والتعرف علي جملة مظاهره وسرائره . بل باتوا عاجزين فيه لم يبلغوا من هذا شيئا قاطعا من وراء أستاره.

ولقد أصبح علماء الفلك مؤرخين لتاريخ الكون بعدما تخطوا مرحلة ما يقال باكتشاف الكون المجهول عنا أو المنظورلنا . وفيه يلعب الضوء دورا رئيسيا في رؤية المواد المضيئة به التي تبدو لنا في الأرض والسماء. و تلعب الجاذبية دورا في تشكيل هيئة هذا الكون في الزمان والمكان بلا صخب . لهذا نجد للكون خمسة أبعاد هي الطول والعرض والارتفاع والزمن والجاذبية. كما أن بالكون خمس قوي رئيسية بعد إعتبار قوة مضاد الجاذبية القوة الخامسة بالكون.

وهذا البحث سمه إن شئت رؤية كاتب علمي قد درس علوم الفلك دراسة أكاديمية ذاتية وقد استهوته الكتابة فيه. فكتب فيها خلال العقد الماضي عدة مقالات بمجلة( العلم ) ونشر كتبا تضمنت هذه المقالات ومن بينها الحلقة المفقودة في مقياس الزمن والنشوء والإرتقاء والفناء بالكون ولغز الزمن والكون الطفولي والكون الأعظم ولغة الكون . وغيرها من المقالات التي تناولت مفاهيم كونية حديثة.

ويشرفني أن أقدم خلال هذا البحث فرضية (الكون الأعظم )مما سيغير مفهومنا حول تفرد كوننا بالوجود. وهذا البحث إن صح . فهذا معناه أننا سنغير نظرتنا للكون ومستقبله ووجوده ضمن منظومة كونية أكبر . وسيضع ملامح علوم الفلك في الألفية الخامسة. لهذا نجد أن هذا البحث من علوم المستقبل. مما سيجعل ما لدينا حاليا من علوم فلكية علوما قديمة عفي عليها الزمن الكوني.

فإذا كان هذا البحث منطقيا .فهذا معناه أنه له مصداقيته العلمية رغم أنه يعتبر حتي الآن ضربا من الخيال العلمي الإفتراضي .ولو صح ماجاء به. فهذا معناه أن نظريات إينشتين وزملائه الذين شكلوا فلكنا الحديث ستصبج نظريات قديمة في كتاب تاريخ الكون. لأن نظريات (الكون الأعظم ) سوف تسود .وهذه النظرة التوقعية أشبه بنظرة الفلاسفة ومن بينهم الفلاسفة العرب لكون الفيلسوف الإغريقي بطليموس. حيث كان يعتبر الأرض مركز الكون وحولها تدور الشمس والكواكب في أفلاكها. حتي جاء كوبرنيق الذي عاش بالقرن السادس عشر وحطم هذه المقولة واعتبر الشمس مركز المجموعة الشمسية بما فيها كوكب الأرض . وأصبحت الأرض حسب نظريته علي هامش المنظومة الشمسية، كما أصبحت كوكبا تابعا بعدما كانت كوكبا متبوعا بالفضاء.

وفي الواقع تنطلق الأرض في مسارات معقدة لأنها تدور حول نفسها بسرعة 16800كم/ساعة وتسبح في الفضاء حول الشمس بسرعة 1770كم /دقيقة. والشمس تجري في المجرة بسرعة 240كم /ثانية. والأرض تدور حول نفسها مرة كل 24 ساعة، وحول الشمس مرة في حوالي 365 يوماً. وقد تناول هذا البحث مفهوم الزمن والسرعة والمسافات الكونية والتمدد والإنتفاخ في كوننا وبالنسبة للكون الأعظم من خلال نظرة شمولية له ولمنظومة الكون الأعظم. وهذا ماجعل الكاتب يطرح عدة أسئلة منطقية حول الكون الأم والكون ألأعظم داخل منظومة كونية أكبر.

ومازال علماء الفلك يتساءلون.. هل يواجه الكون الموت البطيء؟

وما هو مصيره؟

ما هي السرعة في الكون؟

وما هي كتلته وكثافته؟

هل يوجد شيء أسرع من الضوء؟

هل سيعود الكون لسيرته الأولى؟

ما هو عمره..؟

ما هو شكله..؟

هل هو كروي أو منبسط أو متقوس؟

ما هي مادته..؟

ما هي أبعاده..؟

هل كانت بدايته الانفجار الكبير؟

ماذا كان قبله..؟

كيف ظهر شيء من لا شيء قبل الانفجار الكبير؟

ما هو مفهوم الزمكان..؟

ماذا وجد أولاً الكون أو القوانين الطبيعية؟

كيف أن ثابت الجاذبية ضئيل؟

كيف أن ثقل جسيم البروتون أثقل 200 مرة من الإلكترون؟

كيف ظهرت الأبعاد الأربعة بالكون رغم بلايين البلايين من الطرق المختلفة لاندماجها معاً؟

هل هناك أكوان أخرى ضمن الكون الأعظم؟

ما هي المادة الضائعة في الكون؟

ما هي نظرية الكون الخادع؟

هل نسبية آينشتاين وهم؟

وغيرها من تساؤلاتٍ سنجيب عليها بالتفصيل في متن هذا البحث.

فمما لا شك فيه أن الكون الأعظم وكوننا كما نتصورهما أو نتخيلهما كان ظهورهما للوجود نتيجة حتمية للإنتقاء الطبيعي بهما بعد إنبلاجهما في الوجود . وظلا حتي أصبحا يخضعان لقوانين الطبيعة الموحدة التي أبقت علي هيئتيهما حاليا .فكوننا في مسيرته داخل منظومة الكون الأعظم يسير في تناغم متبادل بينهما . حتي أن الكون الأعظم عند إنبلاجه كان أشبه بظهور المجموعة الشمسية . فنراه يمر من الفوضي الأولية ليصل إلي النظام من خلال نظرية الإنتقاء الطبيعي به وبالأكوان التابعة له ليظلوا جميعا في الزمان والمكان الوجودي في اتساق ونظام.

وهذا البحث تعرض لمعظم النظريات الكونية على ساحة الفلك والفيزياء الفلكية من خلال منظور كاتب تمرس علي الكتابة في العلوم الفلكية التي استهوته لأكثر من عقد. فطالع فيها ما طالع، وخاض فيها ما خاض، وكتب المقالات من خلال نظرة تخيلية وتحليلية. وهذه ميزة الفلك، فلقد وضع آينشتاين نظرياته التي قلبت الفلك وأدت إلى ظهور الفلك الحديث، وكان في أبحاثه قابعاً بمكتبه لم ينظر إلى تلسكوبات. وهو عالم رياضي يتعامل مع المعادلات ولا يتعامل مع تلسكوبات أو صور أقمار ومسابر فضائية.

وبهذه المقدمة قد نكون قد قدمنا ملامح هذا البحث وما سيدور حوله حتي نكون علي بينة منه وبه لنصل إلي مفهوم أوسع وأشمل لنظرتنا لكوننا وتخيلنا للكون الأعظم وما يتبعه من أكوان. ولا سيما وأن ٍهذا البحث قد إعتمد علي عدة مصادر من بينها المجلات العلمية وشبكة الإنترنت وما كتبه علماء قدماء ومحدثين. وفيه الخطأ وارد كما فيه السهو وارد. لكن فكرته لاتتعارض مع منطقية أحداث الكون أو طبيعته. إلا أنه وضع فكرة الكون الأعظم علي أعتاب قرننا. فمن شاء فليرتضيه ومن شاء فليرفضه. ومن يرتضيه فعليه أن يقرأه علي مكث و يستوعب ما جاء فيه. ومن يرفضه فعليه أن يكون منزها في رأيه من خلال أريحية علمية مبررة. لأن هذه الفرضية لو صحت سوف تلقي بظلالها علي مفهومنا لكونناوالأكوان فيما وراءه في ستر الغيب. وهذا يتطلب أن يكون الرفض له لعلة علمية أو منطقية. وإلا أمام التعسف الفكري قد نفوت فرصة أن تكون نظرية الكون الأعظم نظرية مصرية . فقد يكون البحث عرضا مبتكرا واكتشافا عالمياً رائداً. لأن ماكتب به ليس عن جهل مطبق أو جهالة كاملة وليس أيضا عن معرفة كلية. إلا أنه صيغ عن وعي بين وليس عن جهل بين.

لهذا التحكيم حول هذا البحث يتطلب أن يكون تحكيما منصفاله ولصاحبه وليس متعسفا فيه . لأنه نتاج فكري وعقلي ولاسيما وأن سبل النشر ميسرة له . وما يؤهله للتحكيم أن العلوم البحتة علوم منطقية لاتحيد عن الحقائق ولاتشذ عن المنطق وليست علوما هلامية يغمي علينا فيها وإلا فقدت مصداقيتها العلمية وخبا بريقها وأفلت لتصبح في طي النسيان.

فهذه العلوم حقائق مجردة ومتجردة من أي زيغ ولا تتحمل في متونها التأويل أو التهويل أو التهوين. لأن العقل أقصر الوسائل للوصول إلى الحقيقة واستيعابها وفهمها سواء أكانت بلغتنا العربية أو أي لغة أجنبية يترجم إليها.

وأخيراً.. يقال أن هذا البحث مفتوح لكل من يشارك فيه بالرأي المثري والمطور له. فليشارك فيه من يشاء بما يشاء. فمن يجد له فيه بغية فليبتغها ومن يجد له فيه باعا فليبتع فيه ومن يجد له فيه مجالا فليسهم فيه من خلال روح الفريق. لأن الهدف منه التوصل إلي الحقيقة العلمية للوصول به للعالمية. ولن يغفل دور كل من سيساهم فيه . فقد يكون هذا البحث الآن نواة لبحث أكبر إستفاضة. وقد يكون خطوطا عريضة لبحث أكبر عطاء. وفي هذا فليتنافس المتنافسون .فالكون ماض في أزمانه لايكل فيها ولايمل منها حتي ماشاء الله له أن يكون عليه أويظل علي ماهو عليه أو أن يصبح فيه لما قدر له أن يكون. لأن و لكل أجل كتاب رهين به لايستأخره أو يقدمه ولايستأني عنه أو يتواني فيه.فلوكان الكون تمدديا أو ارتجاعياً أو ترددياً أو كان كوناً متقوسا أو منبسطا أو متكورا .فهو كون قائم بذاته لايحيد عما قدر له أن يكون ولايميد في الزمكان. وأصدق وصف له أنه كون متفرد في الوجود. ففجره كان كن فيكون وكان في بدايته غير منظور . والآن أصبح بهيئته وهيبته كونا مرئيا يعبر عن عظمة خالقه بشموخ يتعالي وفضاء يتسامي وآفاق رحبة ممتدة لم نصل فيها برؤيتنا إلا لأعتابه حيث لن نبلغ فيه سدرة المنتهي. ومازال العلماء في الكون يمترون. والله الموفِّق لنا جميعا.

الكون الأعظم

مقدمة هذا البحث »

تمهيد

==

علوم الفلك من العلوم التي يسهل فهمها والتوغل فيها، لأن الكون وأفلاكه أقل تعقيداً من خلية حية بجسم الإنسان أو الحيوان، رغم تناهي حجمها وتعاظم كوننا. وذلك لأن دراسة أفلاك الكون تعتمد على بديهات نتصورها أو نشاهدها، وتعتمد على الاستنتاج المنطقي، ولا سيما ولو كان تفكيرنا يعتمد في معظمه على الفيزياء وقوانينها. وهذا ما جعلها علماً أساسياً في الفيزياء الفلكية. ففي الفلك الحديث أصبحت للفلك والفيزياء صلة وثيقة ببعضهما، مما جعل الفلكيين يتصورون السماء رغم أن الجو المحيط بالأرض يعتبر حاجباً لرؤيتهم، فبدونه يمكنهم استقبال كل الإشارات من أقصى أرجاء الكون، بما فيه من جسيمات وموجات كهرومغناطيسية وافدة بكل أطيافه سواء أكانت أشعة جاما أو موجات راديوية. إلا أن دراسة هذه الموجات الإشعاعية تنطوي ضمن علم الفيزياء.

لهذا نجد أن الفيزياء الكونية قد توصلت إلي قوانين جديدة في الطبيعة . وفي الفزياء الفلكية اتخذ علماؤها السنة الضوئية كوحدة قياسية . واعتبروا السنة الضوئية هي المسافة التي يقطعها الضوء في سنة وبسرعة 300ألف كم / ثانية. ولنتصور مقدار السنة الضوئية.فنجد أن الضوء يعبر من حافة المجموعة الشمسية إلي الجهة المقابلة خلال نصف يوم . وبصفة عامة يتعرف علماؤنا علي كوننا من خلال القوانبن الرياضية وعن طريق الإشعاعات الكهرومغناطيسية ( الضوء). فالضوء الذي نراه فهو إما في شكل موجات راديوية أو أشعة دون حمراء أو أشعة منظورة أو اشعة فوق بنفسجية أو أشعة (x) أو أشعة جاما .فالمادة التي تنبعث منها هذه الموجات أو الإشعاعات هي مادة مضيئة تري بصرياأو تتحسس بأجهزة خاصة فيمكن تصويرها أو جسها .

وتعتبر الإشعاعات الحرارية خاصية كونية لكل الأجرام والأجسام بالكون. لأن كل شيء يشع حرارة مهما كانت درجة حرارة الوسط الذي يوجد به . وسواء أكانت الحرارة بدءا من الصفر المطلق وحتي درجات حرارية أعلي . وتتولد الإشعاعات الحرارية من إرتطامات الجسيمات بالمادة نتيجة للحركة الحرارية مما يجعل الجسم يشع موجات ضوئية .

وتنتقل الحرارة بثلاثة طرق وهي عن طريق الاتصال الحراري المباشر (الملامسة) والنقل عن طريق الحمل الحراري وبث الإشعاعات الحرارية . وكل حيوان موجود لابد وأن يكون مصدر إشعاع حراري .والحمل الحراري لابد من وجود مادة حيث يزداد حجمها بالحرارة ويتقلص بالبرودة . كما أن الحمل الحراري لايتم في خواء مفرغ من المادة ويعتبر حدوثه مستحيلا . ويتم طبعا في السوائل عندما تسخن فتخف جزيئاتها فتعلو ولماتبرد تهبط . ونظرية الحمل الحراري من النظريات الشائعة في علم الفيزياء .

وينظر العلماء للكون من خلال تلسكوباتهم و يشاهدونه من خلال المعادلات الرياضية التي تصيغ تصورهم له. فإينشتين لم يكن عالم فلك ولكنه كان عالم رياضيات وضع تصورا للكون في المكان والزمان من خلال معادلاته في نظرية النسبية . فقلب مفهوم العلماء حول الكون رأسا علي عقب بما فيهم نيوتن ومن سبقوا إينشتين نفسه .

ولما كان الكون حديثا كان كونا بسيطا وبلا شكل . لكن حاليا نجد المجرات بها بلا يين النجوم والمجرات تشكلت في عناقيد وكل هذه التشكيلات الكونية سببها الجاذبية التي تصدر عن كل مواد الكون . رغم أن معظم مادة الكون خفية في الفضاء وبين المجرات .ولم تقدر كتلة هذه المادة التي يطلق عليها المادة المظلمة ولم يتعرف علي طبيعتها لأن العلماء ظلوا سنين عديدة قضوها في البحث عن هذه المادة المظلمة واعتبروها كتلة مفتقدة بالكون رغم تعاظمها بشكل بين .لأن الكون نراه أبيض وأسود ومايري هو المادة المضيئة والتي تشكل 10%من مادة الكون و90% الباقية غير مضيئة بل مظلمة لأنها مادة خفية .لهذا نجد أن الضوء يلعب دورا أساسيا في رؤيتنا للكون المنظور .

وكان الكون عند بدايته في أعقاب الانفجار الكبير أكثر انكماشاً وسخونة وكثافة، وكانت الفوتونات كموجات إشعاع صادرة عن المجرات الوليدة أقصر طولاً عمَّا هي عليه الآن. وكانت هذه المجرات متقاربة جداً وشبه متلامسة فيما بينها. لأنها في البدء لم تكن أجراماً مستقلة بعد، فالكون وقتها كان عبارة عن وسط غازي موحد النسق ومتجانس في كل أجزائه.

والكون في أعقاب الانفجار الكبير كان يتمدد بسرعة، مما يجعلنا نطلق عليه الكون المتسع. فأخذ يتضخم بسبب القوى التنافرية الهائلة التي أسفر عنها هذا التمدد السريع للكون حسب نظرية (هبل) الذي اعتبره يتمدد من داخله وشبهه بالبالونة التي تتسع للخارج عند انتفاخها داخل إطار حيزها الخارجي. وتبنى (هبل) فكرة تباعد الكون ولاسيما المجرات التي تبعد عن مجرتنا (درب التبانة) لأن هذه المجرات تتباعد عنا بمعدل سرعة تتناسب مع المسافة بيننا وبينها.

ونظرية الكون المتسع تبين أننا محاطون بعوالم المجرات التي تتسابق فيما بينها للهروب بعيدا إلى ما لا نهاية. لكن ثمة علماء عارضوا فيما بينهم نظرية (هبل) حول تمدد الكون. وقالوا أن الكون في حالة إنكماش كلي . لأن أي جرم فيه ينجذب إلي الأجرام الأخرى حسب قانون الجاذبية لنيوتن. كما يقال أيضاً.. أن الكون يتمدد حاليا على حافة سكين . فإما أن ينكمش أو ينتشر في الفضاء . ولانعرف حتي الآن أي اتجاه سيتجه فيه أو أي وجهة سيتجه إليها. هل سيتجه إلي الإنكماش والتقلص ليصل إلي حالة الإنسحاق الكبير أو الموت الحراري ؟. وهذا سيحدد بلا شك المصير الحتمي والحتفي للكون. لكن الكون علي حد نظرية (هبل ) مازال يتجه سريعا نسبيا في تمدده. وفي حالتي الإنسحاق الكبير أو التناثر بالفضاء فإن الحياة لن تكون.

و الضوء إلى وقت قريب وحسب نظرية إينشتين .. كان يعتبر سرعته في الفضاء هي السرعة القصوي بالكون. لكن فرضية تفوق سرعة التكيونات (Tachyons)علي سرعة الضوء سوف تغير مفهومنا عن الكون مما سيجعلنا ننظر إليه حسب مفاهيم أخرى. لأن الإضاءة في الكون تفسر لنا كيفية تكوين المجرات والتعرف علي الطبيعة. عكس المادة المظلمة الأولية التي تعتبر أشبه بالحفائر فوق الأرض والتي من خلالها دون الإنسان تاريخها ومراحل تطورها في الزمن الجيولوجي. وهذه الجسيمات الأولية قد تولدت في فجر الزمن . وقد تفصح عن ألغاز أصل الكون. فلوكانت هذه الجسيمات موجودة فتعتبر أقدم الجسيمات المستقرة في الكون، ويخمن العلماء أنها تشمل معظم كتلة المادة المظلمة المفتقدة.

مقدمة هذا البحث

==

الكون الأعظم

السرعة التيكونية

لا شك أن أزمان الكون الأعظم وأكوانه بما فيها كوننا ولا سيما في مطلع الوجود الكوني مازالت موجودة في كتاب تاريخ الكون الأعظم. فنحن سجناء المنظومة الشمسية بعدما كنا سجناء الأرض . ومازلنا نطالع في كتاب الكون سطورا معدودات من بين تريلليونات السطور المثبتة فيه. وخروجنا من الأرض أو المجموعة الشمسية يعتمد علي سرعة الإفلات. وهذه السرعة هي سرعة حرجة تجعل أي جسم ينطلق في الفضاء ليخرج من إسار الجاذبية الذاتية لأي جرم.ففي الأرض نجد أن المركبات الفضائية قد خرجت من محيطها الجوي بسرعة وبقوة الإندفاع التي تفوق شدة الجاذبية الأرضية. ولتسير مركبة فضائية في الفضاء .إما أن تكون سرعتها تفوق شدة جاذبية الأجواء المحيطة بالأجرام التي تمر بها أو تسير مابين محيط الجرم في الفضاءالذي يفصله عن جيرانه حيث تكون الجاذبية شبه منعدمة فلا تتباطيء المركبة في سرعتها ولاتحتاج إلي طاقة متجددة وإلا توقفت عن السير. لهذا لابد وأن يبرمج خط سيرها في مسالك الفضاء حسب خريطة فلكية محددة السير والاتجاه وإلا ضلت.

وللتوغل بعيدا في الفضاء فيما وراء منظومتنا الشمسية لابد من طاقة فائقة تفوق مالدينا من أنواع الطاقة والتي جعلتنا نصل القمر أو المريخ .لأنها تعتبر طاقة بدائية بالنسبة للأبعاد الهائلة داخل كوننا . فما بالنا بالكون الأعظم . وقد يكون الأمل في الطاقة الشمسية كطاقة متجددة إلا أنها لاتعطينا سرعات فائقة . كما أن المركبات أو حتي المسابر الفضائية لابد أن تكون متناهية الصغر والكتلة. وقد يصل حجمها في حجم البندقة متناهية الصغر ومجهزة بأجهزة دقيقة لتصبح تلسكوبات في أغوار الكون لها قدرة فائقة علي البحث والتحري والتصوير وتجميع المعلومات.

حقيقة المركبات الفضائية الحديثة قل حجمها وتضاءلت أوزانها عن ذي قبل . لكن هيئتها لاتمكنها من التوغل في أعماق الكون بسرعات فائقة . لأنها ستقطع بلايين البلايين من السنين الضوئية. وكلما قلت أحجام وأوزان مركبات المستقبل الفضائية قل إستهلاك الطاقة وأصبح مداها أبعد نسبيا في الزمن السحيق للكون. ويضم الكون تريليونات الصفحات المطوية من تاريخه ولم نطالع فيها منذ نشأتنا سوي سطورا من صفحته الأخيرة . لأننا نطالعه بقراءة عكسية. عكس الزمن المثبت فيه لأننا نرجع في قراءاتنا لنصل للماضي.لأن قراءتنا رؤية بصرية حيث الضوء فيها هو المترجم للغة الكون فيرجع بنا كما يرجعبنا شريط الفيديو أو السينما. فما نراه هو الماضي القريب وليس الماضي البعيد.

فصورة الكون في مهده أو حتي في طفولته بما فيها صورة كوننا في لحظة ميلاده مازالت مخفية عنا رغم وجودها في أماكن بالكون. لكن أضواءها مازالت ترحل لتقطع تريلليونات السنين الضوئية ولم تصل بعد لكوننا حتي يمكن رؤيتها ولاسيما وأن رؤيتنا داخل كوننا لاتتعدي 800سنة ضوئية وهذه الرؤية لاتتخطي أعتاب مجرتنا مهما كانت قوة رؤية تلسكوباتنا التي نطلق عليها تجاوزا التلسكوبات العملاقة . ولم تصل مركباتنا ومسابرنا الفضائية لمهد كوننا عندما كانت المسافة صفروالزمن الكوني صفر منذ 12- 15بليون سنة ضوئية أوحيث كان الكون في بداية الميكروثانية الأولي من عمره.

لهذا نجد أن السرعة ومعدلاتها ستلعب دورا كبيرا في نظرتنا لكوننا أو للكون الأعظم . لأن السرعة لها أهميتها بالنسبة لولوجنا داخل أعماق كوننا. فكلما زادت سرعة مركباتنا كلما تعمقنا في الكون. ولاسيما لوكانت تصوره من الداخل وترسل هذه الصور إلينا لنتعرف عليها . وهذا ما يجعلنا نناقش مفهوم السرعة للأجسام ولاسيما وأن العالم (كولن ويلسون) يقول بأن بعض الفيزيائيين يقولون أن ثمة جسيمات تسافر فعلا أسرع من الضوء. وهذه الجسيمات إفتراضية أطلقوا عليها التيكونات Tachyons .فلو كانت نظرية سرعة التيكون حقيقية فهذا معناه أن هذه النظرية لو تحققت فسوف تقوض النظرية النسبية الخاصة لإينشتين والتي إفترض فيها أن الضوء أسرع شيء في الكون. وأي جسم مادي استحالة إنتقاله بسرعة الضوء التي اعتبرها حد السرعة بالكون .فأي جسم لو بلغ سرعة الضوء.فستصبح كتلته متناهية . لأن الأجسام تقل كتلتها مع زيادة السرعة . فما بالنا لوسار بسرعة الضوء أو السرعة التيكونية؟ وعلي هذا نجد إفتراضا أن الكون به ثلاث سرعات هي السرعة التيكونية وهي سرعة تخيلية وسرعة الضوء وسرعة مادون سرعة الضوء وهما سرعتان واقعيتان. ويطلق علي سرعة الأشياء التي سرعتها أقل من سرعة الضوء تارديونات Tardyonsوهي أبطأ علي الدوام من سرعة الضوء . ويطلق علي سرعة الضوء لوكسوناتLuxons وهي سرعة ثابتة بالكون وهي أقصي سرعة معروفة لدينا حتي الآن .إلا أن علماء التيكون يعتبرونه جسيما إفتراضيا ينتقل أسرع من الضوء. لهذا لايري لأن أي جسيم يسير سواء بالسرعة التارديونية (أقل من سرعة الضوء) أو السرعة اللوكسونية (بسرعة الضوء) .فهذه جسيمات يمكن رؤيتها لأن لها كتلة في هاتين السرعتين . أما في السرعة التيكونية فالجسيم يصبح متناهي الكتلة وهي أقل من كتلة الفوتون مما يصعب إدراكه أو رؤيته. حقيقة سرعة التيكون لم تر لكن العلماء أمكنهم تقديرها رياضيا . لهذا تخيلوها وافترضوا أن كتلتها ساكنة أو مناسبة.

وهذه السرعة الفائقة علي سرعة الضوء تعتمد علي الطاقة في الجسيم. ولو فقد طاقته فإنه سيتباطىء في سرعته ليصل لسرعة الضوء أو لسرعة أقل منها . لهذا كلما تباطيء الجسيم التيكوني في سرعته . فإن كتلته ستزداد. والضوء سرعته المطلقة هي كما نعرف 300 ألف كم / ثانية وهي سرعته في فضاء خوائي خال ومفرغ تماما . لهذا تقل سرعته لو مر في وسط هوائي أو وسط مادي. والضوء في الفراغ يسير في خط مستقيم إلا أنه ينحرف أوينكسر أو ينعكس لو سار في وسط مادي أو إرتطم به. لأن ذرات الوسط الذي يمر به تسبب تموجات. ومن هنا نرى أن المقاييس للسرعة والأبعاد فوق الأرض مقاييس طولية مترية، وفي الكون مقاييس بالسنين الضوئية، وفي الكون الأعظم ستكون مقاييس السرعة والأبعاد به بالسنين التيكونية لو أكتشف التيكون وأصبح له معني فيزيائي. لأن سرعة التيكون سوف يتخطي حاجز سرعة الضوء (Light barrier) وسيظهرمفهوم السرعات فوق الضوئية (Super-luminal speeds). وهذه السرعة الفوق ضوئية لو اكتشفت، فهذا معناه أننا سنرسل رسائل في الزمن الماضي.

==

كان العالم هبل قد بين أن السدم بها نجوم مختلفة لم تكن داخل نطاق مجرتنا درب التبانة وتقع فيما وراءها. كما حدد أيضا أبعاد المجرات وسرعات تمددها وتباعدها بالنسبة للأرض مما جعله يقول أن كوننا يتمدد . كما أن شكل وهندسة الكون تحددهما كثافته. فلو تعدت الكثافة الحرجة (Critical denisty) فإن الفضاء في هذه الحالة سيتقوس ليصبح أشبه بالكرة الهائلة . ولو كانت الكثافة الكونية أقل من الكثافة الحرجه فإن الفضاء يصبح متقوسا نسبيا وأشبه ببرذعة الحصان . ولو كانت الكثافة الكونية تعادل الكثافة الحرجة يصبح الكون مسطحا ومنبسطا أشبه بسطح ورقة كتابة . لهذا نجد أن الكثافة بمفهوم أشمل تلعب دورا رئيسيا في تشكيل هيئة الكون . والعلماء يحاولون حاليا قباس أبعاد الكون بدقة . فنجد من بين النظريات المطروحة والأكثر قبولاً لدى كثير من العلماء أن كوننا يقترب من الكثافة الحرجة، ممَّا يدل على أنه يتجه إلى الانبساط والتسطيح لذاته.

وقد تناولوا فيما تناولوه مسألة مصير الكون. فوضعوا إحتمالين واقعيين لمصيره . وهما نظرية التجمد الكبير (Big freeze) ونظرية الإنسحاق الكبير (Big crunch ). لكن الكون يخضع لقوتين أساسيتين هما قوة العزم التمددي له للخارج وشدة قوة الجاذبية التي تكبح هذا التمدد فتسحب الكون للداخل. لكن قوة الجاذبية في منع الإطالة أوتحقيق الإنكماش الكوني تعتمد أساسا علي تعادلها مع كثافة مادة الكون. فلو كانت كثافته أكبر من الكثافة الحرجة فإن الكون سيتمدد للأبد ولن تكبحه الجاذبية. ولوكانت الكثافة أقل من الكثافة الحرجة لفإن الجاذبية ستتفوق وتقلص الكون ليعود لسيرته الأولى. فالتقلص والتمدد للكون مسألة نسبية تضطلع بهما الكثافة الكونية وشدة الجاذبية معاً. والجاذبية تعتمد أساساً على كثافة المادة الكونية.

وكان الكون له ماضي قبل الإنفجار الكبير عندما كان فراغا مفرغا وبلا جسيمات . وكانت كثافته عبارة عن طاقة فائقة أطلق عليها طاقة الفراغ الكوني.وهذه الطاقة الفراغية0(Vaccum energy) جعلت الكون يتمدد بسرعة فائقة حيث تحولت إلي جسيمات أطلق عليها الأوتار الكونية الفائقة التي لها قدرة كبيرة علي الجاذبية مما أنتج عنها الجسيمات المضادة . وقبل الإنفجار الكبير كانت الطاقة الإشعاعية تسيطر علي المرحلة الأولي من ماضي الكون السحيق.

فيقال أن الإنفجار الكبيربالكون قد وقع منذ 15 بليون سنة إلا أن ثمة جدلا موسعا مازال يسود الأوساط الفلكية والفيزيائية مما أسفر عن عدة نظريات لكل منها منطقها وحججها العلمية .وهذا الحدل العلمي عن مواد الكون مازال أيضا محتدما ولم يصل العلماء فيه بآراء قاطعة . لأنه يدور حول الزمن الكوني صفر منذ 15 بليون سنة . لأن كل مايقال عن الإنفجار الكبير وأصل الكون ونشأته عبارة عن فرضيات تعتمد علي الحدس والتخمين رغم التقدم المذهل في علوم الفلك والفيزياء والرياضيات .ومازال العلماء فيها يجتهدون.

هندسة الكون

====

لازَمَ الكون في لحظة ميلاده ظهور الزمن والفضاء والطاقة، وكلها من لوازم وحدة الطبيعة. فالجاذبية ظهرت بعد 10 – 43 ثانية من لحظة بداية تكوين الكون بعد الانفجار الكبير، حيث اتحدت القوى الضعيفة والقوية والكهرومغناطيسية معاً. وكلما كان الكون يزداد برودة كانت وحدة هذه القوي تتحطم واحدة تلو الأخرى. وأولى الخطوات لإستعادة توحد هذه القوي كان عن طريق البناء الرياضي الذي يطلق عليه النظريات القياسية، التي ما زالت تحتاج إلى براهين تجريبة. فلقد توصل العلماء إلى جسيمات (Z وW) التي تحمل القوى الضعيفة.

فالذرات التي تتكون منها عناصر الكون ظهرت بعد 10 آلاف سنة من لحظة بداية هذا الكون وتبعثرت فيه نتيجة للأحوال التي كانت سائدة بعد الإنفجار الكبير . ويحاول العلماء حاليا معرفة أصل الكون . فتمكنوا من الكشف عن كوامن الذرة حيث يصنع منها المادة الخام به . وهذا من خلال الفيزياء والرياضيات والمسرعات الفائقة جدا في تسربع الجسيمات مما جعل هذه المعجلات قد جعلت نواة الذرة تلفظ مئات من الجسيمات الدون ذرية كالكواركات واللبتونات وهي جسيمات متناهية الصغر. وافترض علماء الفيزياء النظرية أن المادة تتكون من كواركات ولبتونات بينهما قوي تنتقل بواسطة البزونات. وللتعرف علي اللبتونات و الكواركات والبزونات بالذرة . نجد أن اللبتون يتكون من الإلكترون المشحون ويطلق عليه اللبتون المشحون والنيترينو (الإلكترون المتعادل ) . أما الكواركات فتتحد معا لتكون جسيمات أكبر كالبروتونات والنترونات بنواة الذرة. والبوزونات تحتوي علي فوتونات تنقل القوة الكهلرومغناطيسية بين الكواركات واللبتونات.

والفوتونات لا وزن لها كالضوء، لكن رؤيتنا للأشياء تعتمد على الاستجابة البصرية لهذه الفوتونات التي هي أقل من الذرة وتسير مع طاقة الضوء المرئي. ويعتبر الضوء ظاهرة كونية قد إعتدنا عليها ومانراه هو فوتوناته. لأنه أخذ شكلاً ليظل موجوداً ولا يترك خلفه كتلة باقية في العالم المادي الطبيعي. والضوء ليس مادة عادية ولاسيما وأنه يأخذ شكلاً كمومياً يطلق عليه الفوتونات التي تعتبر أقل وحدة طاقة لها تردد خاص لوني أو بقعي. فيمكن أن يري ويفحص . فلو اعتبرنا أن (c) هي سرعة الضوء في معادلة إينشتين الشهيرة :E =mc2 .حيث Eالطاقة وتساوي حاصل ضرب الكتلة m في مربع سرعة الضوء. cوتصل قيمة c2 إلى الصفر عندما تصبح الكتلة صفر. لأن C2=E \m. وهذا يدل علي أن سرعة الضوء لانهائية لأن الكون بلا مادة.

وأي كتلة في الكون بها عدد من الفوتونات تعادل مجموع أعداد مجموع ما بها من إلكترونات ونترونات وبروتونات وأجسام مضادة لها. واعتبرت النسبة بين الباريونات (النترونات والبروتونات معا)والفوتونات ثابتة مع مرور الزمن فيقال أن نواة ذرة الهيدروجين يقابلها من بليون إلي عشرة بلايين فوتون .لهذا نجد أن الجسيمات الدون ذرية تلعب دورا كبيرا في الكون منذ نشأته ولقد إكتشف علماء الفيزياء الحديثة أهميتها بعدمااكتشفوا الكواركات و تعرفوا علي ثلاثة أنواع منها. وافترضوا وجود كواركا رابعا أطلق عليه كوارك الجمال .وإذا اعتبرنا البروتون يحمل شحنة موجبة. فالكورك يحمل شحنة أقل منه . وللآن البروتون يتكون من كواركين موجبين وكوارك سلبي .فالكواركات العلوية والسفلية تصنع البروتونات والنترونات التي لها وجود في حياة الذرة. وهذه الكواركات توجد في أزواج (كوارك – وضد كوارك). وقد إستطاع علماء الفيزياء في مسرع جامعة (ستانفورد) تصوير كواركات حرة تسربت في الكون أثناء الإنفجار الكبير . إلا أن هذا الكوارك الحر مازال في نظر العلماء شيئا وهميا . واعتبروا أن المادة طاقة والطاقة مادة. أما الميون (Muon) فهو جسيم كتلته أكبر 200 مرة من كتلة البروتون وهو ناتج ثانوي من الأشعة الكونية التي ترتطم بالأرض . و يحمل شحنة سالبة بينما اللبتونات كالنيترينو لاتحمل أي شحنة وكتلتها خفيفة جدا رغم أنها لم تقدر بعد.

ومن أهم الأفكار في ميكانيكا الكم معادلة العالم الإنجليزي (بول ديراك)التي تنبأ فيها بالمادة المضادة في الكون وبالذرة. واكتشاف (أندرسون) للبوزيترون (الإلكترون الموجب) وهو يشبه الإلكترون السالب الشحنة إلا أنه موجب الشحنة . لهذا نجد أن لكل جسيم أو مادة بالذرة مضاداً. ولو تقابلت أو ارتطمت المادة مع مضادها يحدث تفجير إشعاعي. كما حدث مع البروتون عندما إرتطم بمضاد بروتون في المسرع . لأن المسرعات (المعجلات ) معامل لفيزياء الطاقة العالية وتقوم بتسريع الجسيمات الدون ذرية وتركيزها بواسطة المغانط الكهربائية في شكل شعاع حيث تقذف فيها البروتونات والإلكترونات المشحونة بسرعة 99،9% من سرعة الضوء. ويعتقد علماء الفيزياء النظرية أن الكون ككل له مضاد يناظره، ولو تقابلا يحدث تفجير إشعاعي.

هندسة الكون لغة الكون

===

ظهرت الدنيا ك ذرة مدمجة ومنضغطة فريدة ويتيمة و متناهية الصغر. كما ظهرت الحياة لاحقا بعد بلايين السنين من عمر الكون كجزيء( دنا ) في خلية حية إنقسمت وتشكلت لتخرج منها بلايينالبلايين من الأحياء حاملة شفراتها الوراثية في بلايين البلايين من جزيئات الدنا.وهذه الذرة الأولي تعادل كتلتها كتلة الكون الماثل أمام ناظرينا. بمجراته الهائلة ونجومه العملاقة وسدمه الممتدة وطاقته الكونية الكامنة في أفلاكه .وعندما كان عمر الكون جزءا من ألف جزء من الثانية كان كل شيء فيه رغم تناهيه معتصرا وفي حجم ذرة.

ومنذ سبعين عاماً تحول علم الكون من مجرد نظريات وفرضيات إلي منظور بصري مثير بعد فك شفرة لغته وقراءة ملف تطوره عندما كان الزمن صفرا وعندما أخذ يشكل هيئته في أعقاب الإنفجار الكبير .وقيل أن الزمن كما يفترضه العلماء قد بدأ لحظة بداية هذا الإنفجار إلا أننا نجده في الواقع قد بدأ منذ إنبلاج الذ رة الكونية الأولي من العدم حيث كانت فيه معدومة .لهذا نجد العلماء قد أسقطوا الزمن الذي كانت فيه هذه الذرة واعتبروه نسيا منسيا من زمن عمر الكون الذي قدروه 15 بليون سنة ضوئية منذ واقعة الإنفجار الكبير. مما يجعله زمنا منقوصا وغير حقيقي حيث إرتضاه العلماء علي عواهنه . لكن الزمان يضم العدم والوجود وهذا مايطلق عليه الفلاسفة الزمن السرمدي. وزمن الكون جزء لاحق فيه. والعدم ميتافيزيقي لايعرف كنهه. والوجود حقيقي متمثلا في الكون وهذا مايعرف بالفيزياء أو الطبيعة(الفلك).

ونظرتنا للكون قديما وحديثا نجدها في فكر عالمين أحدهما سلفي والثاني معاصر. وكلاهما قد حدثنا عن نشوئه وإرتقائه وتحيزه وتقوسه وبدايته ووحدته . و هماالعالم الأندلسي أبوبكر بن طفيل الذي ولد عام 1106م/500هجرية والعالم الريطاني مارتن ريز مدير معهد الفلك بجامعة كمبريدج.وكان ابن طفيل قد اشتهر بقصته الفلسفية (حي بن يقظان)التي سبق ظهورها عصر النهضة بأوروبا وعصور كوبرنيق وجاليليو ونيوتن وإينشتين وديراك وهبل وغيرهم من أقطاب الفلك الحديث. فلقد حدثنا ابن طفيل عن (البعد الثالث) بالكون وسماه الأقطار الثلاثة بالسماء وحددها بالطول والعرض والعمق. وكيف يعتقد أنها ممتدة إلي مالانهاية . إلا أنه أكد علي تحيز الكون قائلا: جسما لانهاية له باطل لأن الفلك (الكون) علي شكل كرة .وهذا ما أطلق عليه إينشتين فيما بعد التقوس الكوني وتحيزه حيث اعتبر الكون كتلة متقوسة( سماها ابن طفيل كرة)في فضاء متسع يتمدد فيه وكل مايقاس فيه يتم من داخل وجودنا به. ورغم هذا لانري حافته أو حدوده . والعلماء حتي الآن لايعرفون مركز تمدده.

إلا أن ابن طفيل نراه يتساءل قائلا: هل السماء ممتدة إلي غير نهاية ؟. أو هي متناهية محدودة بحدود تتقطع عندها ولايمكن أن يكون وراءها شيء من الإمتداد ؟.وكانت نظرية التمدد الكوني ثورة فلكية عندما طالعنا إدوين هبل عام 1920 بها . لأنها قلبت مفهوم العلم عن الكون إلا أن ابن طفيل سبقه فيها منذ ثمانية قرون عندما أشار إليها .فللقد حدثنا عن (التمدد الكوني ) وإنتفاخ الكون قائلا: الأجسام السماوية تتحرك حول الوسط بالمكان( الفضاء)ولو تحركت في الوضع ( المركز) علي نفسها أصبحت كروية الشكل. وحدثنا ابن طفيل فيما حدثنا به عن منظومة (وحدة الكون) قائلا: إن الفلك (الكون) بجملته وما يحتوي عليه من ضروب الأفلاك شيء واحد متصل ببعضه بعض كشخص واحد . كما حدثنا عن( نشوء الكون) قائلا : أن العالم (الكون) لايمكن أن يخرج إلي الوجود بنفسه ولابد له من فاعل (محدث) يخرجه إليه. وكان العدم والوجود من الأمور المثارة في علم الكلام ولاسيما لدي المعتزلة بالعصر العباسي حيث كانوا يبحثون في مسألة الخلق والقدم والحداثة للكون.

وإذا كان آينشتين وغيره من العلماء قد ظلوا في "حيص بيصٍ" حول تعريفهم للزمان ككل وقصروه علي زمن عمر الكون منذ الإنفجار الكبير . لكن ابن طفيل نجده يقول عنه : هل هو شيء حدث بعد أن لم يكن وخرج إلي الوجود بعد العدم؟ أو كان موجوداً فيما سلف ولم يسبقه العدم ؟.إلا أنه لم يترجح أحد الحكمين . إلا أنه اعتبر الزمان من جملة العالم وغير منفك عنه علي حد قوله.

وعلى صعيد آخر نجد العالم البريطاني (ريز) يقول :قبل مائة عام لم يكن العلماء يعرفون لماذا تسطع النجوم؟ أو ماذا وراء مجرة التبانة التي نعيش بداخلها؟.وعندما تعرفوا مؤخرا علي الأشعة الكونية التي خلفها الانفجار الكبير بالكون أطلقوا علي هذه الحقبة ما بعد انبلاج (توهج) الكون. مما جعلهم يدرسون باكورته حيث إكتشفوا فيها الكوازارات والنابضات الأولى. ومما سهل اكتشافاتهم ظهور المركبات والمسابر الفضائية والتلسكوبات العملاقة فوق الأرض أو بالفضاء فأطالوا في بعد نظرهم و رؤية إبصارهم. وهذه الاكتشافات جعلت علوم الكونيات واقعا متسلسلا منذ عام 1960 ولا سيما بعدما حصل العلماء علي صور فورية للكون المترامي عن بدايات تكوينه مما أعطاهم بعدا وفهما جديدين له عندما أظهرت هذه الصور شطئان كوننا. فأصبحت الشواهد علي حدوث الإنفجار الكبير تماثل الشواهد المثبتة حول تاريخ بداية تكوين الأرض. وأن الأحوال الكونية التي تولدت بعد ثانية من الإنفجار الكبير لم تكن أكثر مما عليه في قلب نجم معاصر . ورغم هذا لاتزداد تعقيدا عن فهمنا لكائن حي موجود حالياً. لأن أي نجم مهما عظم فهو بلاتعقيدات كيماوية بداخله عكس ماهو حادث في جسم أي كائن حي. حتي ولو كان خلية واحدة لا نراها بالعين المجردة.

وقال: أن في جزء من الثانية الأولي من الإنفجار الكبير ظهرت قوانين الطبيعة(الفيزياء). وظلت علي ماهي عليها حتي الآن.وفي الجزء الأول من ألف جزء من الثانية ظهر العدد 6والذي ظل السمة الأساسية لوصف الكون وهيئته . لأن هذا العدد يصف كل الأشياء في الكون بدءا بالضفادع في حدائقنا أوالمستعر الأعظم في المجرات البعيدة. فكلها يحكمها ستةأعداد نطلق عليها ثوابت الطبيعة التي تتحكم في منظومة الكون ووجوده.ولو تبدل أو اختلف عدد منها لما كان الكون علي هيئته حاليا . ولما ظهرت الحياة فيه. فهو الآن متوازن علي حافة سكين مما جعل الحياة فوق الأرض محتملة نسبيا . لأن هذه الأعداد الستة ظهرت بالكون بمنتهي الدقة مما جعلنا مفرزة لنظام غير متشابه بل ومذهل . وهذا يؤكد عظمة الخالق سبحانه. ولما كان لنا وجود الآن . و حدثنا عن الحياة واعتبر ظهورها كان نتيجة أحوال توفيقية بالكون إلا أنها حاليا في مقبرة جماعية خطيرة . لأن ثمة إحتمال 50%بأننا سندمر أنفسنا خلال هذا القرن .لأن الأرض كما يعتقد(ريز) هي المكان الوحيد الذي قامت فيه الحياة الذ كية . لأن وجود ثمة حياة معقدة أو حتي بسيطة في أي مكان آخر بالكون .. فإنها بلا شك ستكون مختلفة عن سمة الحياة فوق كوكبنا . ولو كانت الحياة الأخرى نادرة هناك .. فهذا سيضفي علي أرضنا أهمية كونية متميزة.

وقال: أننا سندمر الحياة الذكية الوحيدة في هذا الكون المتسع. وهذا ما جعل علماء الأحياء يطالبون بنشر أنفسنا في مجر تنا وما وراءها . لهذا المسابر والمركبات الفضائية تجوب بالفضاء للتفتيش علي أماكن تصلح لإنشاء وتكوين مجتمعات إدخارية للأحياء في أكبر عملية إنقاذ لم يسبق لها مثيل في تاريخ البشرية والأرض ( بعد طوفان نوح وسفينته) . وهذه المجتمعات ستكون( محميات طبيعيةإحيائية) فضائية للبشر وبقية الأجناس الحية للحفاظ فيها علي التنوع الحيوي بعيدا عن الأرض الموبؤة حاليا .ففي هذا القرن سيكون لدينا التكنولوجيا لتحقيق عمليات الإنتشار الإحيائي فيما وراء كوكبنا . ومما سيسهل التاكثر الحيوي الفضائي مستقبلا إزدهار الإستنساخ واختراع الأرحام الصناعية البديل للأمهات .ليتم التلقيح والحمل الفضائي ومن خلال تجميد السوائل المنوية والبو يضات الأنثوية.

وفي تعليقه على بداية الكون قال (ريز): مهما أوتينا من علم إلا أن علماءنا لايستطيعون فهم مادار في الجزء الأول من ألف جزء من الثانية الأولي من عمر الكون .وفهمنا لقوانين هذا الزمن المتناه أكبر تحد لعلماء هذا القرن . لكنه أغفل نظرية الفيمتو ثانية التي إكتشفها العالم المصري أحمد زويل والتي صورت التفاعلات الكيماوية في زمن الفيمتوثانية والتي ستقود العلماء بلا شك للتعرف علي هذه اللحظة المتدنية من الزمن في بداية الانفجار الكبير للكون. وفي سياق حديثه نجده ركز علي أهمية علم نظرية الطبيعة الموحدة. واعتبره علما سيحسم الإحتدام الجدلي حول نظرية الجاذبية الكونية في القرن 21. كما أوردها إينشتين عندما وصف كيفية تكوين النجوم والكواكب . وهل ستؤدي إلي التعرف علي وجود كون آخرغير كوننا تحكمه قوانين طبيعية غيرقوانيننا الكونية المتعارف عليها.

وإلى عهد قريب كان الكون بمثابة حجر رشيد بمجراته ونجومه وطاقته الكونية حتي إكتشفت لغته حيث من خلال الضوء الأحمر وإنزياحه في المجرات والنجوم إستطاع العلماء اكتشاف تمدد الكون وتسارعه. واكتشفوا أيضا شدة توهج مستعراته الكبري القريبة والبعيدة. كمااستطاعوا تحديد أعمار النجوم القديمة والحديثة فيه واكتشاف تقوس الضوء حول الكتل البعيدة وتذبذب الإشعاعات. ورغم هذه المعطيات الكونية إلا أنهم رغم اكتشافهم للغة الكون فهم مازالوا يعتبرونه مصدر الحرارية عبر السماء. حيث أصبح كوننا الساخن بحرا من هذه الإشعاعات. وارتضي العلماء بكل لغز محير لهم.

وأبجدية لغة الكون نجدها في إزاحة أطياف المجرات والنجوم للون الأحمر وموجات الجاذبية في الخلفية الميكروويفية للكون والأشعة الباردة التي مازالت تتخلل به طوال وجوده. والآن مهمة المسبر الأمريكي (ماب)حاليا وهو يدور علي بعد مليون ونصف كيلومتر فيما وراء محيط الأرض لإجراء مسح شامل لموجات الأشعة الميكروويفية الخلفية الكونية ولرسم خريطة جديثة للكون لحظة ميلاده والتعرف علي تاريخه وهندسة تكوينه وقتها. وسيتم هذا من خلال قياس أجهزة المسبر للتفاوت في حرارة الأجزاء المختلفة بالكون ولاسيما بالبقع الساخنة والباردة فيه.

والكون بعد 500 ألف سنة كان حساءً ساخناً وكان كثيفاً بالبروتونات والإلكترونات، حيث ظهرت في جعباتها موجات الجاذبية الكونية. لهذا سترسل وكالة الفضاء الأوربية مسباراً عام 2007 ضمن مهمة قياس شدة هذه الموجات والتعرف على مصدرها، ولا سيما وأنها ترحل بالكون بلا عوائق حتى في الأجسام المعتمة فيه.

الكون الأعظم

لغة الكون

==

قال تعالى: (والسماء ذات الحبك.) وهذه الآية أصدق وصف للكون وهيئته. فمن الكتب التي إستهوتني كتاب صدر مؤخرا بعنوان (الخمسة عصور للكون) للكاتبين (فريد آدمز وجريج لوجين). وقد تصورا فيه بداية ونهاية الكون . فكتبا : أنه مما لا شك فيه أن الكون يتمدد إلي ما لانهاية . وما يقال أنه سيتقلص ثانية فرضية يعوزها الأدلة لأنه في حالة التمدد المستمر الحادث سيصل الكون لمرحلة لن تكون فيه جاذبية كافية لتجميع آلاف الملايين من المجرات والثقوب السوداء . لأنه سيصبح كالعهن المنفوش بعد وقف التمدد الكوني وهذا سيجعل مستقبل الكون غامضا ولا يمكن وضع تصور مستقبلي له . وجاء بالكتاب خمس مراحل عصور تصورية للكون من المهد إلي اللحد. فهناك عصر الإنفجار الكبير. وفيه نشوؤه وبداية ظهوره.والمرحلة الثانية العصر النجمي وفيه ظهرت قوانين الطبيعة بالكون عندما بزغت النجوم وظهرت المجرات كما نراها . والمرحلة الثالثة ستكون عصر الإنتكاس الكوني ويعتبر الكون حاليا في فجره. وفيه ستظهر عملية تكثيف مادة الكون حيث ستستنفد كل غازاته التي تصنع منها النجوم الوليدة . وكل النجوم الكبيرة والصغيرة فيه ستسنفد وقودها النووي الحراري وستأفل مخلفة نجوما ترحل لتقترب من بعضها البعض بفعل الجاذبية الكونية مما سيحدث اختلافات واضحة في دورانها ومساراتها وستصبح في حالة (الإسترخاء الديناميكي ) . رغم أن هذه النجوم تعتبر في مجراتها كيانات صغيرة . وفي هذه الحالة ستفلت النجوم الخفيفة لتطرد بالكون وستهبط النجوم الثقيلة إلي مراكز المجرات ليدخل الكون إلي المرحلة الثالثة وهي عصر الثقوب السوداء . وفيه ستصبح الطاقة الكونية نادرة مما سيجعل هده الثقوب السوداء تتبخر في الكون وتختفي جميعها ليدخل الكون في العصور المظلمة لعدم وجود طاقة متجددة . وستصل درجة حرارته الصفر المطلق (-273درجة مئوية) ( الصفر المطلق أقل درجة حرارة حيث فيها تنعدم طاقة المادة ) .. ليصيح الكون في هذه الدرجة ميتا بما تعنيه كلمة الموت الديناميكي . وضمن نظريات (التوحيد الكبري ) في الفيزياء نجد أن البروتونات في الذرة (جسيمات بنواتها) ستكون غير مستقرة ولهذا ستتلاشي بعد 10 30 سنة . وهذه فترة زمنية أطول من عمر الكون الآن. وقتها سيقتل كل بروتون في كل ذرة بالكون ليدخل في عصر المادة السوداء حيث نهايته. وحتي الآن لم ير العلماء ما بداخل الذرة التي تتكون كما نعرف من جسيمات الإلكترونات السالبة الشحنة في مدارها والبروتونات الموجبة والنترونات المتعادلة في قلبها بالنواة التي قطرها واحد علي ألف من قطر الذرة . وكان اكتشاف أن الكون يتمدد ثورة غير متوقعة أو مسبوقة في علم الفلك بالقرن العشرين حيث يتمدد بسرعة أكبر من معدل السرعة الحرج (7 أميال/الثانية) حيث لا يمكن للجاذبية كبح هذا التمدد.لهذا سيسير الكون إلي ما لانهاية حيث يتمدد 5 – 10% كل ألف مليون سنة .وهذا التمدد يعتمد أيضا علي كثافة الكون . فلو زادت كثافته عن الكثافة الحرجة فإن الكون سوف يتوقف تمدده وسيتقلص ليعود إلي نقطة الصفر . ولو قلت فإنه سيتمدد إلي الأبد .وكلما تباعدت المجرات كلما ظهرت مجرات آخر ي من مواد جديدة تتولد باستمرار لتملأ الفراغ البيني والهوات بين المجرات ولنتصور الكون نجد أن المجرة تضم حوالي 100 ألف مليون نجم وعدد المجرات يربو علي 100ألف مجرة نراها بالتلسكوبات العملاقة وما خفي منها عنا أكثر. ومجرتنا إتساعها 100 ألف سنة ضوئية .وللآن لا يمكن رؤية شكل أو حجم النجوم والتي تبدو لنا كنقاط مضيئة . وما يميزها ضوؤها

النشوء والارتقاء والفناء بالكون

=====

ماهي مادة الكون؟ تكونت المادة العادية في الكون من ثلاثة أشياء هي الهيدروجين والهليوم وبقايا رماد النجوم الميتة بعد تفجرها بالفضاء خلال بليون 4,5سنة الماضية. وبعد الإنفجار الكبير منذ حوالي 15 بليون سنة كان الهيدروجين يمثل 75% من كتلة الكون والهيليوم 25%. وكانت العناصر الكيماوية اللازمة للحياة كالكربون والأكسجين والنيتروجين ليس لها وجود . ولما تقلصت سحب الهيدروجين والهيليوم بتأثير جاذبيتهما الذاتية تكونت النجوم كأفران نووية اندماجية للعناصر الخفيفة كالهيدروجين والهيليوم مولدة عناصر ثقيلة قامت بتشكيل صخور الكواكب والبحار الدافئة وأشكال ذكية من الحياة. وانطلقت هذه الكتل الثقيلة للفضاء بعيدا عن النجوم الملتهبة لتصبح جيلا ثانيا من النجوم والكواكب . والكربون أحد هذه العناصر وهو أساسي لبعث الحياة، وقد بدأت أنويته تتكون في قلوب النجوم في أواخر حياتها حيث إحترق كل الهيدروجين وتحول إلي الهيليوم الذي تحول إلي كربون وأكسجين وغيرهما. وتتكون المادة في الأرض من ذرات بها إلكترنات وبروتونات ونيوترونات وكواركات . ولا يوجد بها مضادات جسيمات كمضادات البروتون أو النيوترون أو الكواركات وإلا فنيت . لأن الجسيمات ومضاداتها سترتطم ببعضها ويفني بعضها بعضا مما يسفر عن توليد إشعاعات عالية الطاقة . والكون قد بدأ بزيادة مفرطة في عدد الكواركات وقلة في عدد مضادات الكواركات . لأنهما لو تساويا فإنهما كانا سيقتربان من بعضهما وسيفنيان المادة الكونية الوليدة ولأصبح الكون مليئا بالإشعاعات عالية الطاقة ولاسيما في طفولة الكون .ولن يكون به مادة ولا أجرام أو مجرات أو حتي حياة فوق الأرض لولا ستر الخالق سبحانه. لأن الكون بعد الإنفجار الكبير كانت حرارته هائلة وهذه الحرارة كانت كافية لصنع مضادات المادة وهذا لم يحدث ولاسيما وأن طاقة الجسيمات الأولية كانت عالية وكافية لإحداث هذا التغيير. فلم تتحول الإلكترونات والكواركات إلي مضاداتها في الكون الطفولي . لكن حدث العكس فلقد تحولت مضادات الكواركات إلي إلكترونات وهذا ما جعل الكواركات موجودة . وكان الكون قبل الإنفجار الكبير حجمه صفرا وحرارته بعده كانت عالية جداً. وكلما تمدد قلت حرارته.

فبعد ثانية من الإنفجار الكبير هبطت الحرارة 10 آلاف مليون درجة مئوية . وهذا الهبوط يعادل ألف ضعف درجة حرارة قلب الشمس . وكان محتوي الكون وقتها فوتونات وإلكترونات ونيترونات وكلها جسيمات خفيفة جدا لاتتأثر إلا بالقوي النووية الضعيفة وقوة الجاذبية. فإذا كان الكون في بدايته ساخنا جدا بسبب الفوتونات إلا أنه حاليا حرارته محدودة فوق الصفر المطلق .وخلال الساعات الأولي المعدودة أنتج الهيليوم والعناصر الأخرى .وأخذت الإلكترونات والأنوية تفقد طاقتها .لتتحد معا مكونة الذرات بينما الكون يتمدد ويبرد. والمناطق التي أصبحت أكثر كثافة من المتوسط فإن سرعة تمددها تقل بسبب تزايد قوة الجاذبية . مما يسفر عنها توقف التمدد في بعض المناطق بالكون . وهذا يجعلها تتقلص ثانية . وخارج هذه المناطق .. فإن قوة الجاذبية تجعل هذه المناطق المحيطة تبدأ في الدوران مما أظهر المجرات الدوارة التي تشبه القرص . أما المناطق التي لا يحدث بها الدوران فيصبح شكلها بيضاويا ويطلق عليها المجرات البيضاوية . ومن أهم الأفكار في ميكانيكا الكم معادلة العالم الإنجليزي (بول ديراك) التي تنبأ فيها بالمادة المضادة في الكون والذرة . ولما أكتشف البوزيترون (الإلكترون الموجب) اعتبره مضادا للإلكترون السالب الشحنة رغم أنه يشبهه .لهذا نجد أن لكل مادة أو جسيم بالذرة مضادا . ولو تقابلت أو إرتطمت المادة مع مضادها يحدث تفجير إشعاعي كما حدث مع البروتون عندما إرتطم مع مضاده في مسرع (سرن )السويسري . ويعتقد علماء الفيزياء النظرية أن الكون ككل له مضاد يناظره . ولو تقابلا يحدث بينهما تفجير إشعاعي . ومن ثم اعتبرت المادة المضادة لغزا حتي الآن لاسيما عندما تتلاشي كما حدث للبروتون مع مضاده في مسرع (سرن)بجنوب سويسرا . والسؤال الذي يحير العلماء فعلا.. إذاكان لكل جسيم بالكون مضاد له . فلماذا الكون صنع من المادة ؟. ولاسيما وأن كل مادة يقابلها عشرة ملايين مادة مضادة . فأين ذهبت هذه المواد المضادة ؟. وعلماء الفيزياء الحديثة يؤكدون علي أنه بعد الثانية الأولي من الإنفجار الكبير بالكون كانت توجد مادة فائضة تغلف المواد المضادة . وبعد إرتطامها ببعض نتج عنها إشعاعات كونية ومادة فائضة صنعت كل شيء بالكون حاليا بما فيه النجوم والمجرات والأرض . وفي مسرع (سرن) تعتبر بعض الجسيمات وحوشا رهيبة ويطلق عليها جسيمات لحظية(فيمتوثانيتية) . لأنها تعيش لجزء من بليون البليون من الثانية كجسيمات (Z.W). وتسبب تلفا إشعاعيا في ذرات بعض العناصر كاليورانيوم .وهذه الجسيمات اللحظية تحمل قوة ضعيفة نسبيا بالنسبة للقوي الأربع التي تحكم الذرات .

المادة ومضادها

==

ترتبط الثقوب السوداء بقصة أفول النجوم ودورة حياتها، فالنجم الشاب يتقلص على نفسه للداخل بسبب شدة جاذبيته والنجم يتكون من غاز الهيدروجين الذي يتحول بفعل حرارة النجم إلى غاز الهيليوم. وهذا التحول يشبه الانفجار الغازي مما يزيد من ضغط الغازات محدثا توازنا بين الجاذبية والضغط الغازي بالنجم. وهذا التوازن يحدث عدم انكماشه. وعندما ينفد وقوده فإنه يفقد هذا التوازن ويبرد وينكمش ليصبح قطره محدودا وليستقر في النهاية كنجم أبيض قزم. وتزيد كثافته لتصبح مئات الأطنان لكل بوصة مكعبة. والنجوم الكبيرة تحتاج إلى سخونة عالية لتعادل شدة الجاذبية بها . وتحرق وقودها من غاز الهيدروجين بالإندماج النووي وبسرعة. فتستنفد وقودها سريعا وبسرعة أكبر من النجوم الصغيرة . وناتج الاندماج النووي هو الهيليوم الذي يتحول إلي عناصر أثقل كالكربون والأكسجين. لتصبح كثافة قلب النجم أثقل كما يحدث في النجوم النيوترونية والثقوب السوداء . أما المناطق الخارجية من النجم والأقل كثافة فيحدث بها انفجار هائل يطلق عليه المستعر الأعظم الذي يصبح أكثر تألقا في مجرته عن بقية النجوم بها . ويلقي المستعر بعناصره الثقيلة والغازات في المجرات لتكون نجوما جديدة يطلق عليها الجيل الثاني أو الثالث التي تتكون في النزع الأخير من النجم المستعر. والشمس من هذا الجيل وقد تكونت منذ خمسة آلاف مليون سنة من هذه الغازات في مجرتها. كما تكونت من غازات وعناصر المستعرات الأقدم بالمجرة .وقد تشكلت من حولها الكواكب بما فيها الأرض من عناصرها الثقيلة لتدور حولها حتى الآن . لهذا يطلق على المستعرات العظمى المطابخ الكونية .وتعتبر المستعرات العظمى مفتاح الكون متمثلا في موت النجوم وهو من أكبر غوامضه. رغم أنها تظهر كيف نشأت مادة الحياة فيه.

أفول النجوم

===

ماهية الثقب الأسود

لم يعد التعرف على تكوين المجرات الهائلة في الكون عن طريق النجوم المضيئة والمرئية بها والسحب الغازية فقط، ولكن أيضاً عن طريق هالات المادة المظلمة التي تشكل جزءا كبيرا من كتلة المجرات الكونية. فهذه المادة المظلمة التي يطلق عليها الثقوب السوداء لا تفصح عن ذاتها إلا من خلال تأثيرها الجاذب للأشياء بما فيها الضوء . لهذا لا يمكن رؤيتها. والثقب الأسود له جاذبية رهيبة لأن كتلة مادته كبيرة وكثافتها عالية جدا . فلو أن كتلة من مادته تعادل كتلة الشمس فإن حجمها لن يتعدى ستة كيلومترات. والعلماء يحدسون بأن ثمة ثقب أسود عملاق داخل مجرة درب التبانة تعادل كتلته مليون كتلة الشمس . وحدسوا أيضا بأن هناك ثقوبا سوداء أخرى بقلوب العديد من المجرات الأخرى . وعند حديثنا عن الحطام النجمي نجد أن الشمس أو أي نجم يظلان في حالة توازن ذاتي طالما أن الجاذبية الذاتية بهما تجذب كل نقطة بهما إلى الداخل . ويقابل هذا التفاعلات النووية داخل النجوم والتفاعلات الحرارية داخل كوكبنا . فكلما كان النجم به وقود الهيدروجين النووي مشتعلا بالطاقة النووية بقلبه فإنه يولد طاقة نووية ليظل منتفخاً. ولما ينتهي الوقود به فإن قوة الجاذبية به تتفوق فتقلصه بعدما ينطوي على ذاته ليصبح نجما منضغطا وباردا. ولنتصور هيئة النجم البارد هذا .فإن ذراته قد تحطمت نتيجة سلسلة متعاقبة من التفاعلات الذرية الداخلية. وعقب هذه التفاعلات النووية نجد الإلكترونات الحرة السالبة الشحنة تتحد مع البروتونات الحرة الموجبة الشحنة لتكون نيترونات متعادلة الشحنة. لهذا نجد أن ذرات هذا النجم تتآكل حتى تصبح كتلة نترونات عبارة عن حطام النجم ويطلق عليها النجم النتروني المدمج أو النجم النتروني القزم الأبيض. ويصل نصف قطره حوالي 10 كيلومترات أي في حجم مذنب فضائي صغير. إلا أن كتلته أثقل من كتلة شمسنا. وهي كتلة كثافتها هائلة. فملعقة صغيرة من مادة النجم النتروني تعادل ألف مليون طن. ويظل هذا النجم في تقلصه لتزداد كثافته حتى يصل إلى نقطة التفرد الزمكاني (Space-time singularity) كجزء من ثقب أسود.

كثافة الثقب الأسودولنتصور كثافة الثقب الأسود الذي يعتبر مقبرة حطام النجوم النترونية نجد أن المجرة الإهليليجية العملاقة عثر بها على ثقب أسود هائل تعادل كتلة مادته 5آلاف كتلة مليون نجم في حجم شمسنا . والآن يقال أن ثمة ثقبا أسود هائلا في وسط كوننا يربطه بكون ثان مجاور له. لهذا يعتبر بعض العلماء أن الثقوب السوداء ممرات أنفاقية(نفق) للسفر للأكوان الأخرى و جسور بينية للسفر بين أجزاء من كوننا. كما تعتبر الثقوب السوداء مصايد للضوء. ورغم وجوده بها إلا أنه لا يرى لعدم قدرته على الإفلات من جاذبيتها الهائلة . لهذا تعتبر مادة هذه الثقوب السوداء مادة مظلمة ولم يستطع العلماء رؤيتها حتى الآن. كما تعتبر مقبرة للضوء والإشعاعات الكونية والأجسام الفضائية الشاردة حيث تصطادها بجاذبيتها الشديدة. ولايفلت من هذه المصايد الكونية سوى الأجسام التي سرعتها أكبر من سرعة الضوء . وهذا إفتراض نظري طبعا . لأن الضوء كما يعرف أسرع شيء في الوجود حتى الآن. رغم أن ثمة لغطا الآن حول التيكونات والتي اعتبرها بعض العلماء رياضيا أنها موجودة وأسرع من الضوء . وهذا ما تناولناه بالتفصيل في هذا البحث. والضوء كقاعدة عامة يسير في خط مستقيم بالخواء (الفراغ المفرغ تماما) . لكنه عندما يمر بجوار ثقب أسود ينحرف عن مساره بزاوية أكبر من إنحرافه عندما يمر قرب حافة الشمس . لأن شدة جاذبية الثقب الأسود أضعاف شدة جاذبية الشمس. ولو مر جسم كروي قرب حقل جاذبية ثقب أسود فإنه يصبح جسما ممطوطا.

===

تدين الحياة ببدايتها للجزيئات العضوية المعقدة والتي قد صنعت في قلب سحابة بين النحوم. وهذه الجزيئات كونت كبسولات أمكنها القيام بالعملية الخلوية وامتصاص الأشعة الفوق بنفسجية للشمس لتحويل الطاقة الضوئية إلى طعام كما يحدث في النباتات. ويقال أن ثمة سحابة باردة قد تقلصت وكونت قرصا دوارا من الغاز المشتعل. وغباره وصل إلى المجموعة الشمسية منذ 4,5 بليون سنة. واكتسبت الأرض المياه وعناصر الحياة بعدما ظلت في عصورها السابقة ساخنة وجافة وعقيمة . كما يقال أن المذنبات ونفايات الفضاء قد جعلت الأرض مؤهلة لنشوء الحياة فوقها كما تغطيها الآن. فالمذنبات بقايا تكوين النظام الشمسي وقد حملت في طياتها الغازات والماء. وهذه المخلفات أظهرت الجو المحيط والمحيطات مما جعل كوكبنا مؤهلا للسكنى ونشوء الحياة فوقه منذ 4 بليون سنة . ومن خلال خطوات كيميائية تسلسلية نشأت الأحماض الأمينية والتي ارتبطت معا مكونة البروتين الذي يعتبر أساس بنية الحياة . ويقال أن هذه الأحماض ظهرت في المياه الساخنة بالبرك والمحيطات . وقد بدأ ظهورها في قيعانها حول ينابيعها المعدنية الحارة لتزرع الحياة فوق الأرض. وحاليا يهبط فوق الأرض بفعل جاذبيتها مئات الأطنان يوميا من أتربة الفضاء من بينها 3 طن مواد عضوية لا يتعدى حجمها حبة الرمل . ويقال أن الأرض كانت أصلا ساخنة وبدون غلاف جوي . ومع الزمن بردت وقد اكتسبت غلافها من الغازات التي إنبعثت من صخورها . وهذا الغلاف الجوي المبكر لم يكن به الأكسجين . لهذا لم يواكبه ظهور حياة فوق الأرض لأن الغلاف كان مشبعا بالغازات الكبريتية (كبريتيد الهيدروجين )التي تشبه رائحتها رائحة البيض الفاسد . لكن بدأت تظهر أشكال جزيئات أولية ثم أشكال أولية للحياة بالمحيطات . إلا أن أخطاء وراثية قد وقعت وحدثت عمليات تناسخ أسفرت عن ظهور جزيئات حبيبية أكبر وأكثر تعقيدا. ومن بينها كائنات عاشت على كبريتيد الهيدروجين مطلقة الأكسجين بالجو مما غير تكوينه. وجعل كوكبنا صالحا للحياة كما هو عليه الآن . فنشأت الأسماك والزواحف والثدييات ثم الإنسان . السرمدية والفناء : يقال أن الكون بعد عدة دهور سيصبح باردا وخاويا لدرجة ستتوارى فيه أي حياة . كما يقال أن الشمس ستفقد فجأة وقودها من الهيدروجين وستنتهي تباعا الحياة من فوق كوكبنا . وبعض العلماء يقولون أن الجنس البشري سيقاوم أي فناء .لأنه سيكون قادرا علر التفتيش عن مأوى يلوذ به و يعصمه من الهلاك . فأطفالنا سيختبئون في ملاذات آمنة . لهذا سوف ينتشر البشر في مستعمرات بكل ركن بالكون . وهذا القول ضرب من الخيال العلمي الجامح . وكل هذا تخمينات لأن العلماء أنفسهم لا يعرفون القواعد الطبيعية للحياة و لم يتفهموا للآن تمدد الكون .فقالوا أنه سيتمدد للأبد أو أنه سيبلغ أقصاه عند المنتهى ثم يعود لسيرته الأولى منكمشا على ذاته . لهذا فنحن ليس محكوما علينا بالفناء لنهلك في نار محمصة كبيرة يطلق عليها (الإنسحاق الكبير) (Big crunch) ليكون بعدها فناء الكون أو عدمه.

فلأول وهلة نجد أن التمدد الكوني السائد يبعث على التفاؤل ويدل على أن ثمة نوعا جديدا من طاقة غريبة بدأت في الظهور . بعدما بدأ متوسط كثافة موارد الطاقة يتضاءل. فماذا يوقف حضارة ذكية عن إستغلال المصادر اللانهائية لتعيش بلا نهاية ؟. لكن بعض العلماء يقولون : لو أصبح الكون في توازن بين التمدد والتقلص . في هذه الحالة سوف تبدأ الجاذبية في تجميع مادة أكثر وبعد ملايين السنين فإن المادة الموجودة بالكون سوف تتركز وتتحول لثقوب سوداء تكنس معها كل أنواع الحياة في الكون وتبتلعها في أجوافها ليختفي معها كل صور الكون المرئي. ولو تسارع الكون في تمدده فإن الأشياء المنظورة والبعيدة ستتباعد بسرعة أسرع من سرعة الضوء . فالمجرات البعيدة ستختفي تدريجيا . لأن ضوءها سوف يتمدد لدرجة لن يكون محسوسا ولن يصبح الكون على هيئته كما نراه اليوم . لأن ما نراه من مادة كونية متمثلة في النجوم والمجرات والسدم ستقل . وستختفي بعض العوالم الكونية التي كان يمكن للمركبات الفضائية الوصول إليها .فخلال اثنين تريليون سنة القادمة قبل أن تموت آخر النجوم في الكون ،. فإن كل الأجسام خارج عناقيد مجرتنا لن نتحسسها أو نراها . ولن يكون لدينا عوالم جديدة لنرتادها وسنصبح وحيدين بالكون . وهذا ما يتوقعه علماء المستقبليات . ويقال أن الطاقة في كل وحدة طولية لوتر كوني ستظل بلا تغير رغم التمدد الكوني ، وقد تلجأ بعض الكائنات الذكية لتقطيعه وتتجمع عند نهاياته الطرفية وتبدأ في إستهلاك الطاقة بكل قطعة . ولأن شبكة هذه الأوتار لانهائية . لهذا ستشبع نهم هذه الكائنات الحية لما لا نهاية وللأبد. وللإقلال من الطاقة التي ستكون متاحة فسوف يقلل درجات حرارة الأجسام . والأمل معقود في الهندسة الوراثية لتحوير هذه الأجسام لتعمل في درجة حرارة أقل من 37 درجة مئوية . وللآن لا يمكن أن تقلل هذه الدرجة غصبا . لأنها خاضعة لدرجة حرارة الدم وتجمده . لهذا سنكون محتاجين لتأهيل أجسامنا لتعمل في درجات حرارة باردة ومعدل تمثيل غذائي منخفض أشبه بالضفادع في بياتها الشتوي . ويقترح أحد علماء المستقبليات أن الكائن الحي لابد وأن يخفض معدل تمثيله الغذائي بينما الكون يبرد . وخلال السرمدية لابد وأن يستهلك طاقة محدودة . لأن الحرارة المنخفضة تبطيء الوعي (الأفكار الثابتة). ولهذا سوف تعيش الكائنات الذكية في الزمن المطلق والزمن الموضوعي الشعوري . لأن الكائنات في بياتها الشتوي تعيش مستيقظة وقتا قصيرا بينما وهي نائمة يقل معدل تمثيلها الغذائي . إلا أنها ستظل تشع الحرارة لتستمر الحياة الأبدية . ومتوسط درجة الحرارة بالفضاء السحيق2,7كالفن أي فوق الصفر المطلق (- 273درجة مئوية) بدرجتين و7,. .وستقل الحرارة مع تمدد الكون وهذا ما سيجعل الكائنات الحية ستخفض درجة حرارتها للأبد .. فالحياة تزدهر على الطاقة والمعلومات . ولتستمر عليها العيش على الموارد الضئيلة والتعامل مع المعرفة المحدودة. ومع هذا ما زال علماء الكونيات يسألون نفس الأسئلة كلما نظروا للسماء قائلين: من أين جاء الكون ؟. وماذا كان قبله؟. وكيف بلغ هذه الحالة الآن؟ وما هو عمره؟ وما هو مستقبله ومصيره؟ وما هو شكله؟ وأخيراً.. حقيقة تقال أن الكون والحياة تطورا حسب قوانين ثابتة يمكن فهمها وتفسيرها وتطبيقها.

زراعة الحياة

===

يسود اعتقاد جدلي موسع حول نظريات إينشتين وغيره من علماء الفيزياء الفلكية حول ما صاغوه من نظريات وفرضيات صاغ من خلالها العلماء الفلكيون بالقرن العشرين علم الفلك الحديث الذي يعتبر في نظر علماء المستقبليات علما تحت البحث والتحري وقابلا للتعديل والتغيير.وقد إستهواني فيما طالعته مؤخرا نظرة كاتب علمي تناول النظريات الفلكية المعاصرة بالشرح والتأويل والتجريح لأهم نظريتين في الفلك وهما النسبية وتمدد المجرات والكون. ونشر الكاتب (جيرولد ثاكر) هذه الدراسات في كتابه المثير (الكون الخادع). وفيه نظرة ثورية للكون الماثل أمام ناظرينا. ولأهمية الكتاب آثرت تسليط الضوء عليه ولاسيما وأنه يعارض موازين وحسابات فلكية قبلها علماء الفلك الحديث على عواهنها.

والكاتب ليس بعالم فلك ولكنه قاريء لعلومه طوال خمسين عاما ولاسيما وأن معظم نظرياته وفرضياته الحديثة عبارة عن حدسيات وافتراضات منها منطقي ومنها شبه منطقي. وهي ليست ثوابت مؤكدة ولكنها نظريات محتملة تخضع للنقد والتأويل ولاسيما وأن الفلك كتاب مفتوح مازال علماؤه يتصفحونه على مكث ولم يبلغوا فيه شيئا يذكر أو يقينا مجزما رغم أنه ماثل لناظرينا. وماخفي فيه كان أعظم. وهذه النظرة الواقعية تجعل كوننا وعاء مغلقا لايكشف عن ستره أو أعماق ما في جوفه. فنراهم يوغلون فيه برفق كأنهم عميان يتحسسون فيلا عملاقا. وقال أيضا :هناك أشياء غير مقبولة في الفلك جعلت علماءه يعتقدون فيها رغم أنها لاتصدق وغير معقولة. ودعا علماء الفلك لإعادة النظر في المفاهيم والإفتراضات الفلكية الحديثة. لأن معظمها هراء علمي.

ولقد أثار الكاتب فيما أثاره عدة مسائل حول نظريات إينشتين وزملائه من أساطين الفيزياء الفلكية والرياضيات الحديثة .. وتناولها من خلال البحث والتقصي والنظرة المنطقية والتحليلية والإقناعية. ويقول في مقدمة كتابه : لقد أصبحت مقتنعا بأن الكون مختلف كثيرا عما صوره لنا علماء الفلك. وقال أيضا : قد يكون الكون ساكنا ولايوجد ثمة إعتقاد بأن الإنفجار الكبير قد حدث ليكون بداية لظهوره وأن الكوزارات ليست نائية لاتبث طاقات عالية ولايوجد شيء اسمه الثقب الأسود الهائل وأن الفلكيين تجاهلوا إنحناء الضوء بواسطة حقول الجاذبية بالكون. ولو صحت هذه النظرة ستقلب نظريات إينشتين ودبللر وهبل رأسا على عقب. مما سيكون هذا بمثابة ثورة فلكية ستشكل فلك القرن الواحد والعشرين. فنري الكاتب (ثاكر ) يضع عدة تساؤلات محيرة فيقول : هل المجرات وعناقيد النجوم حقيقية ؟. والكون أيضا قد يكون غير متمد د والإنفجار الكبير خرافة صورها علماء الفلك وزينوها لنا .وعرض الكاتب نظرة جديدة لمفهوم الجاذبية. وهل عناقيد النجوم والمجرات حقيقية أم وهم بصري ؟. وماهي النجوم العظمي Super stars؟

إعادة اكتشاف الكون الخادع

====

لقد شكلت نظرية هبل حول تمدد الكون ومعها نظرية الإنفجار الكبير أسس الفلك الحديث منذ سبعين عاما. ففي عام 1926 صاغ إدوين هبل نظريته عندما تفحص طيف أشعة مجرات بعيدة حتي ولو كانت خافتة . ووجد فيها علاقة غير عادية حيث لاحظ تزحزح طيف كل مجرة إلي نهاية الجانب الذي فيه لون الطيف الأحمر. وقال هبل أن المجرات الخافتة أبعد مجرات الكون . ولوكان هذا صحيحا كما يقول (ثاكر) فإن المجرة كلما بعدت فإن إلإزاحة للجانب الأحمر بالطيف تكون كبيرة . وهناك ثلاثة إحتمالات كان يعتقد أنها سبب إزاحة اللون الأحمر بالضوء من الأجسام البعيدة . لأن أشعة الضوء من الأجرام البعيدة كالمجرات عندما تمر في الفضاء الخالي بالكون. فإنها تتفاعل مع أشياء تجعلها تفقد كميات كبيرة من الطاقة في مسارها نحو الأرض . وهذه الطاقة المفقودة سوف تري كإزاحة حمراء في الضوء المستقبل . لهذا فإن الضوء الوافد من مجرات بعيدة خلال الفضاء منذ ملايين السنين قبل أن يصل للأرض حيث يوجد متسع من الوقت لوقوع التفاعلات. لكن بعض العلماء يعتقدون أن هذه التفاعلات تسبب تشتيت الضوء مما يزيد في أحجام الأجسام البعيدة أشبه برؤيتنا للضوء المبهر لكشافات السيارات في الضباب . لكن لايلاحظ في هذه الحالة أي إتساع . لهذا لايظن الفلكيون أن هذه الحالة سبب الإزاحة للون الأحمر . لكن قانون(هبل) طبق أولا لقياس مسافات المجرات حسب الإزاحة الحمراء الضئيلة لأطياف أضوائها . وعندما إكتشفت الإزاحة الحمراء لأطياف أضواء الكوازارات . طبق هذا القانون عليها تلقائيا و بدون تدقيق لتحديد مسافاتها. فلو ظهر أن قانون هبل لاينطبق علي هذه الكوازارات . فإن الغموض الذي يكتنفها سوف يختفي . وفي نظرية النسبية بين إينشتين أن سحب الجاذبية لشعاع ضوء عندما يترك جسما كالشمس فإنه يفقد جزءا صغيرا من طاقته نطلق عليه إزاحة حمراء . . وهذا أشبه بسحب الجاذبية الأرضية لصاروخ عندما ينطلق من فوق الأرض . والمشكلة أن المجرات بعيدة جدا عن قياس الإزاحة الحمراء . لأنها تقاس من مجرات نائية مما يولد هذه الإزاحة التي تعتمد علي وظيفة الكتلة وقطر الجسم دون تأثير للمسافة . وتأثير (دوبلر) نجده في جسم كنجم يقترب من الأرض حيث نجد أن تردد ضوئه الذي نستقبله منه يزداد قليلا وينزاح قليلا أيضا ناحية نهاية الشريط باللون الأزرق بالطيف . ويطلق علي هذه الإزاحة إزاحة ناحية الأزرق . وهذه الإزاحة لوحظت في كثير من النجوم والمجرات القريبة . وعلي العكس لو تحرك النجم بعيدا عن الأرض . فإن تردد الضوء يقل وينزاح قليلا لنهاية اللون الأحمر بالطيف كما بينه (هبل). وهذا يؤكد أن المجرات البعيدة فقط هي التي تظهر الإزاحة الحمراء . لكنه بين أن كل المجرات كلما بعدت عنا في كل الاتجاهات كلما زادت إزاحة طيف ضوئها ناحية اللون الأحمر .وتبدو وكأنها تتحرك بعيدا بسرعات أكبر من المجرات القريبة . ويبدو الكون يتمدد كالبالونة عند نفخها بسبب تأثير انفجار كوني. لهذا نجد أن نظرية ( تأثير دوبلر) لم تثبت كتفسير لتأثير (هبل). ولكنها أصبحت فرضية بديلة لدي علماء الفلك خلال السبعين سنة الماضية.

قانون هبل

==

نظرية تمدد الكون التي ذكرها (هبل) جعلت علماء الفلك يوعزونه هذا التمدد إلي الإنفجار الكبير . ويعتبرون كوننا بقايا هذا الحدث العظيم الذي وقع في الزمن السحيق . ورجح العلماء أنهم لو عادوا بالزمن سوف يعلمون الكثير عن مسألة خلق الكون وكيف وأين نشأ؟. وهذا يرجح من خلال إنكماشه علي ذاته . والفلكيون يعتمدون علي نظرية تمدد الكون والإزاحة الحمراء وعلاقتها بالمجرات البعيدة . ولو إهتدوا إلي تفسير آخر . فلن يكون لنظرية الإنفجار الكبير للكون وجود . وهذا الاتجاه المعاكس نجده في نظرية تأثير (شيبرو) حيث فسر فيها الإزاحة الحمراء لضوء الأجرام السماوية . وهو عالم شهير بمعهد التكنولوجيا بجامعة ماشوسيست . فنراه يقول : حسب نظرية النسبية العامة لإينشتين . فإن موجة الضوء تعتمد علي شدة وقوة الجاذبية التي تقع عليها في مسارها . لأن سرعة الضوء تقل عندما تمر بحقل جاذبية . وقد لاحظ (شيبرو) أن إشارات الرادار التي ترسل من الأرض لكوكبي الزهرة وعطارد لتعود كصدي إلينا قد تأخرت 200 ميكروثانية ( 0،002ثانية) بسبب تأثير جاذبية الشمس وكان معدل التباطؤ في سرعة الإشارة الرإدارية يزداد كلما إقتربت من الشمس . وهذا التأخير أظهر صحة النظرية النسبية لإينشتين . وأطلق علي هذه التجربة (تأثير شيبرو). ولما كان مركبتا الفضاء (مارينر 6ومارينر 7) يدوران حول المريخ لتصويره بالألوان كان يرسل إليهما إشارات راديوهية. ولوحظ تأخيرزمن عودتها و وصولها للأرض. ويطلق علي تأثير (شيبرو) التمدد الجاذبي للزمن Gravitational time dilatation. والضوء يفقد سرعته وطاقته عندما يمر بحقل جاذبية مما يسفر عن إزاحة حمراء في طيفه .وهذا مايطلق عليه تأثير طويل المديLong-range effect الذي يبين إنحناء الضوء بواسطة شدة جاذبية الشمس والأجرام الكبيرة. وتأثير قصير المدي effect Short- rangeالذي يتلاشي بسرعة عندما يبتعد شعاع الضوء. لكن تأثير العالم (شيبرو) يعتبر تأثيرا طويل المدي والذي بين فيه أن تأخر الزمن يقل عكسيا حسب المسافة وبعد مسار الضوء عن مركز الشمس أو الجرم . أي أن تأثير (شيبرو) يقل عكسيا حسب المسافة. ويعلق (ثاكر) علي هذا بقوله : تصور ضوءا يبث من مجرة تبعد عنا مئة مليون سنة ليصل إلينا بعد مئة مليون سنة . فلو سار هذه المسافة طوال هذه السنين المديدة بلا كلل باتجاه الأرض . فسوف يمر خلال حقل جاذبية بالفضاء الخارجي عبارة عن تجمع جاذبية كل نجم ومجرة يمر به خلال مساره . وحسب نظرية تأثير (شيبرو) . فإن الضوء سوف ينتابه تباطؤ تراكمي صغير بسبب الجاذبية التي سوف تؤثر عليه في مساره الطويل المدي . . وهذا الضوء ستقل طاقته مما يظهر له إزاحة حمراء في طيفه ليس بسبب بعد مصدره بالمجرة الوافد منها، أي أن الإزاحة الحمراء تزيد ببعد مصدره بسبب الجاذبية التي تقلل من طاقته.

وهذا ما لاحظه (هبل) إلا أن هذا ليس سببه تأثير (دوبلر) أو تمدد الكون كما قال (هبل) أو الإنفجار الكبير كما يرجح الفلكيون حاليا . فقد ايكون هناك قوة جاذبية خفية في الفضاء الخارجي البعيد تنبعث من الأجرام البعيدة لتحدث هذه الإزاحة الحمراء في طيف الضوء تساوي ما سبق وأن قيس في طيف ضوء المجرات البعيدة . لكن هذا ليس واقعا حقيقيا كما يقول (ثاكر) . لأن علماء الفلك قد درسوا حركة المجرات في سيرها بالكون . فوجدوا أنها تتأثر بحقول الجاذبية للمجرات الأخرى التي تبعد عنها ملايين السنين الضوئية .وهذا ما لاحظوه فعلا من خلال الاختلافات ثنائية القطب Dipole variations. وهذه الظاهرة تشكل زيادة طفيفة جدا في الحرارة للأشعة الخلفية للكون عندما ترحل باتجاه الأرض. وتنقص طاقتها في الاتجاه المعاكس لحركة الأرض . وهذه المقاييس الثنائية القطب يمكن الإستعانة بها في تحديد سرعة الأرض في مدارها حول الشمس وهذه السرعة معروفة لدينا حاليا . إلا أن اتجاه وسرعة حركة نظامنا الشمسي ككل تتناسب مع سرعة وحركة مجرتنا . وهذا شيء لم يسبق لنا قياسه بدقة ولاسيما قياس حركتها بالنسبة للمجرات البعيدة عنها . لكن الدراسات بينت أن مجرتنا تسحب باتجاه مجرات هيدرا وقنطورس وفيرجو . وبسبب هذا السحب الجاذبي المؤتلف . نري مجرتنا تتجه باتجاه هذه المجرات البعيدة الجاذبة لها بسرعة أكبر من مليون ميل في الساعة. وهذا سببه التأثير التراكمي لحقول جاذبيتها الهائلة . رغم أنها تبتعد عن مجرتنا بمئة مليون سنة ضوئية . لهذا لايمكن تجاهل قوي الجاذبية في الكون أو إهمالها . رغم أن قوة جاذبية هذه المجرات البعيدة تعتبر قوة قصيرة المدي نسبيا والتي تقل مع مربع السرعة . وعلي هذا كما يقول (ثاكر) . نجد أن تأثير (شيبرو) ( التأخير الجاذبي للزمن ) وكما توقعه إينشتين .. يجعل الضوء الوافد من المجرات البعيدة يفقد طاقته مما يسفر عن الإزاحة الحمراء في طيفه . لكن كمية الإزاحة تعتمد علي المسافة وبعد المجرات . وما قاله (شيبرو) لايعتبر جزءا من مفهوم نظرية (هبل) حول تمدد الكون وقياس بعد المجرات إلا أن (ثاكر) لا يطبقه علي بعد الكوازارات . إلا أن (شيبرو ) قد بين أن الإزاحة الحمراء بطيف الضوء القادم من أغوار الفضاء الخارجي ليست بسبب تأثير (دوبلر) أو السرعات المتتابعة للضوء . واعتبره نتيجة طبيعية لتأثير حقول الجاذبية بين المجرات التي يمر بها الضوء مما يؤثر علي إنتشاره. ويعلق (ثاكر)علي هذا قائلا :إن تأثير (شيبرو) لاينطبق إلا علي الإزاحات الحمراء الصغيرة . ولا ينطبق علي الإزاحات الحمراء في أطياف الكوازارات التي تتطلب حقولا مغناطيسية شديدة بين المجرات . موجات الجاذبية هناك عامل ثان غير تأثير حقل الجاذبية بين المجرات وتأثيره علي فقدان الضوء لطاقته لم يؤخذ في الإعتبار.وهو موجات الجاذبية التي أشار إليها إينشتين عندما قال : أن أي جسم يقوم بالتسارع بسبب قوي الجاذبية يبث موجات جاذبية تفقده طاقته . ففوتون ضوء عندما يمر في عمق الفضاء الخارجي يتسارع بقوي الجاذبية . ويبث موجات جاذبية تفقده طاقة يتولد عنها إزاحة حمراء في طيفه .والفوتون أصغر وحدة طاقة وله تردد خاص . وكلما حمل طاقة قل طوله . من هنا نجد أن قانون (هبل)الذي بين أن الإزاحة الحمراء في أطياف أضواء المجرات لها صلة بمسافاتها . لكن هذه الإزاحة كما يقول (ثاكر) ليست بسبب تأثير (دوبلر) . ولكنها بسبب تأثير حقول الجاذبية علي الضوء حول المجرات. مما لايدعونا للقول بأن المجرات تتباعد أو تتمدد أو أن ثمة إنفجارا كبيرا قد حدث من أصله وأسفر عنه ظهور الكون.وخلص (ثاكر) من هذا الإفتراض أن الإزاحة الحمراء بطيف الضوء القادم لنا من أغوار الفضاء الخارجي سببها جاذبية المجرات التي يمر بها وان المجرات البعيدة لاتبتعد عنا أو عن المجرات المجاورة لها . وليس هناد سبب يدعونا لأن نقر بأن ثمة إنفجارا كبيرا قد حدث. كما أن مسافات وبعد الكوازارات لاتخضع لمقياس قانون (هبل) . فهي أقرب مايكون منا بخلاف ما يظنه الفلكيون .

تأثير شيبرو

===

مازال العلماء نظرتهم للكون كمن يفتشون عن إبرة فوق سطح الأرض للوصول إلي أصله وفصله وقد ترامي أمامهم بأبعاده المذهلة . ويحاولون تحديد عمره وإعمار أجرامه من خلال العناصر الكيماوية وأعمار النجوم القديمة والنجوم القزمية البيضاء ومخلفات النجوم العملاقة الحمراء التي بعد مواتها تلفظ قشرتها الخارجية بالفضاء ليبقي قلبها ليصبح نجما قزميا أبيض. وهذاالبحث سمه إن شئت لونا من الخيال العلمي أو لونا من ألوان العلم الإفتراضي . لأنه يتناول أطروحة نظرية الكون الأعظم Supreme) cosmos) وهي ليست نظرية إفتراضية فحسب . بل نظرة إحتمالية مستقبلية لها دلالاتها المنطقية والحدسية في فلك الألفية الرابعة أو الخامسة حيث ستتغير نظرتنا للكون . فقد يعتبر كوننا كوينا ضمن مجموعة أكوان (Multiverse ) تدور في فلك كون كبير (Macro-cosmos). وكان الفلاسفة قديما يعتقدون أن الفوقية بالسماء تضم ملكوت الله حيث توجد عوالم أخرى مجهولة وما ألقي الضوء علي هذه النظرة رحلة الإسراء والمعراج لرسولنا العظيم وما شاهده فيها كان عظيما . لكن نظرة العلم إليها يعتبر ضربا من الميتافيزقيا المجهولة ومن المعميات والمبهمات التي لاتخضع للتفسير أو التبرير أو التقرير . لأنها محجوبة عن نظر العلماء عكس الطبيعة (الفيزياء) فهي تخضع لقوانين يتعاملون معها. فتصوروا من خلالها الأشكال المحتملة لكوننا وهيئته . فإذا كان علماء الفلك والفضاء ضعاف الرؤية في كوننا فما بالهم بالنسبة لما وراء الطبيعة خلف ستر الكون المنظور . فهم عميان يتحسسون فيلا تائهين في عدة بلايين من السنين الضوئية . لأنهم مازالوا في رؤيتهم الضبابية يتعاملون مع الماضي القريب حسب أقصي مدي لرؤيتهم التلسكوبية . وما يقال عن عمر الكون وبدايته ونشأته وتطوره وتمدده وإنتفاخه وتسارعه كلها فرضيات متباينة كانت حصادا فلكيا بالقرن العشرين .ودفع العلماء ثمنا باهظا للتعرف علي ماضي كوننا ولم يدفعوا إلا النذر اليسير للتعرف علي مستقبله. فما هي السماء ؟ وما هو الفضاء ؟. فالسماء تسمو فوقنا وتتعالي إلي مايقال باللا منتهي الكوني وتضم الأ جرام . والفضاء نسبي لكن أدق وصف له أنه حيز يضم الكون المنظور واللامنظور ككل . ولقد خلق كوننا وحتي الآن لايعرف فصله من أصله . أو من أين جاء ؟أو هل هو جزء من منظومة كون أعظم ؟ . وإن صحت هذه النظرية فهذا معناه أن مفهوم الزمن سيتغير لأنه سيتناول زمن الوجود الكوني للكون الأم . لأن السرمدية تضم العدم والوجود. وهي الزمان الذي علمه عند الله . وإذا كان العقل البشري تائها في فهم كوننا المنظور فما بالنا في بقية الكون الأم اللامنظور . ففي الزمن نجد العلماء لتحديد عمر كوننا تائهين في عدة بلايين من السنين الضوئبة لتسنينه فما بالهم لو تعاملوا مع بلايين البلايين من بلايين السنين الضوئبية ليحددوا عمر الكون الأعظم ؟. وأكبر المسائل التي يدور حولها جدل العلماء الفيز يائيين والكونيين حول المسافات والسرعة والزمن . لكن القوانين الطبيعية الكونية نجدها ثابتة لاتتغير سواء أكنا فوق الأرض أو بالسماء أو حتي في الكون الأعظم المفترض . لأن هذه القوانين منطقية . فإذا كان العقل البشري قاصرا عن إستيعاب أو فهم كوننا الظاهر للعيان فما بال الكون الأعظم الخفي فيما وراء كوننا ؟. وفيما وراء مدي رؤيتنا ومرمي أبصارنا . كما أن ثمة أحداثا ما زالت تقع بكوننا ولا ينكرها علماء الكون ولايستطيعون تفسيرها أو إخضاعها لقوانين الفيزياء (الطبيعة) . فهم قليلو العلم لأن فوق كل ذي علم عليم . وأنهم قليلو الحيلة أيضا .. لأن الطبيعة الكونية أبعد من مرمي رؤيتهم و مدي أبصارهم مما جعلهم غير قادرين علي فهم الكون من حولهم أو إستيعاب كينونته لأن عقولهم لاتستطيع أن تسيغ من أمره إلا النذر اليسير . فالكون في ظلام سرمدي وليل أبدي ومعظمه فراغ بارد يضم المجرات والنجوم بها والعناقيد المجراتية والسدم والثقوب السوداء وطاقة جاذبيته . ونشاهد مادة الكون تشكل أجزاء مضيئة تظهر كالزبد فوق أمواج هذا الفضاء الكوني وبأعداد لاتقدر ولاتحصي . ومنها مايتجول وحيدا أو معزولا عن جيرانه . ومنها مايشكل تجمعات عنقودية معتمة تندفع في تمددها إلي مالانهاية خلال ظلام كوني شاسع . ويعتبر الكون هو الوجود سواء أكان في الماضي أو الحاضر أو حتي في المستقبل. لهذا أسراره تدعونا إلي التفكير أو الشك أو التخيل . ففيه حقائق مذهلة وعلاقات كونية تبادلية تتسم بالإتقان . ويعتبر بداية ظهور الكون ونشأته بالنسبة لنا و أعظم حدث في الوجود حسب تصورنا .لأننا لم نر كونا آخر لنضاهيه به . وهذه قد تكون نظرة أفقية ضيقة أو قاصرة تتدني لو إكتشفنا أن كوننا ليس قريدا في الوجود أو أنه كونا متناهيا بالنسبة لمنظومة كونية أكبر . لهذا سيصاب علماؤنا بنظرة وجودية لو إستطاعوا الخروج من آسار الكون أو التطلع إلي ماوراءه . علما بأننا مازلنا رغم تقدمنا العلمي سجناء منظومتنا الشمسية التي تعتبر حبوة بالنسبة لأبعاد الكون التي تقاس ببلايين البلايين من السنين الضوئية . و علماؤنا نجدهم تائهين في كوننا الذي يرحل في الفضاء المترامي بالزمن القصي حيث يمضي لتدبير أمره بعدما كان عدما . فكان بظهوره للوجود آية كبري بعدما كان أمره كن فيكون . فأصبح في كينونته لايستأني لحظة وإلاماد بما فيه ولم يتريث برهة وإلا أصبح عهنا منفوشا ولايستأخر في الزمن وإلا صار إلي مصير حتفي . فقدر له أن يتحيز في المجهول في حتمية لايعرف له فيها نهاية . وحسب نظرية الكون الأعظم التي نطرحها كمنظور علمي وفلكي ميتافيزيقي نجد فيها الزمان الحقيقي هو الدهر الكوني حيث يعتبر فيه زمان كوننا جزءا منه عندما ظهر في الوجود . لهذا يعتبر الفضاء الخارجي حوله أقدم منه . وكان العلماء قد تصوروا كوننا بالونة منتفخة . ولو تقلصت فإن كوننا سينطوي علي ذاته متراجعا فيصغر حجمه وتتكور مجراته ونجومه وتزيد كثافته ويصبح كونا معتصرا . فيقال : لقد ظهرت الدنيا كذ رة مدمجة ومنضغطة فريدة ويتيمة و متناهية الصغر. كما ظهرت الحياة لاحقا بعد بلايين السنين من عمر الكون كجزيء( دنا ) في خلية حية إنقسمت وتشكلت لتخرج منها بلايين الأحياء حاملة شفراتها الوراثية في بلايين جزيئات الدنا.وهذه الذرة الأولي تعادل كتلتها كتلة الكون الماثل أمام ناظرينا بمجراته الهائلة ونجومه العملاقة وسدمه الممتدة وطاقته الكونية الكامنة في أفلاكه .وعندما كان عمر الكون جزءا من ألف جزء من الثانية كان كل شيء فيه رغم تناهيه معتصرا وفي حجم ذرة. الصفر المطلق يلعب الرقم صفر دورا كبيرا بل وبارزا في الكون وهيئته . فالصفر المطلق الحراري علي مؤشر كالفن يعادل (-459,7 فرنهيت )حيث تتوقف فيه الحياة .وتعريف الصفر المطلق هو نقطة عامة لكل شيء في الفيزياء الكونية . فهناك الكتلة صفر والحرارة صفر والحجم صفر والطاقة صفر والجاذبية صفر . والصفر المطلق الحراري علي مقياس كالفن هو أبرد حرارة يصل إليها أي جسم . والكتلة صفر معناها أن الكثافة صفر لأي مادة. وفي الكون معناها نهاية الزمن ويتوقف مما لايمكن وصفه فيزيائيا .لأن كتلة الكون وكثافته ستصبحان صفرا. . ولو بلغ الكون صفرا علي مقياس كالفن فإن هذا معناه أن الحركة ستتوقف كاملا في الكون ليصبح كونا خامدا لاحراك فيه لأن مادته ستصل إلي برودة الصفر المطلق.لكن واقعيا لوإقتربت حرارة المادة من الصفر المطلق فإنها ستستمد الطاقة من حولها ولايمكن بهذا بلوغها درجة الصفر المطلق . لهذا طالما توجد مادة وحرارة بالكون فإنه لن يصل للحالة الحرارية صفر إلا لو وصل إلي درجة الصفر في كل أنحائه . ولو بلغ التمدد الكوني للصفر المطلق فهذا معناه أنه سيصبح كونا متجمدا بلاحراك . ولن يصبح فيه فضاء ظاهريا أو لايكون به فضاء من عدمه . لأنه سيصبح شريطا كونيا منضغطا علي ذاته وسيكون عبارة عن كتلة للمادة لاتصنف لمجرات أو نجوم وسيصبح كتلة مظلمة لاتري في الوجود وستختفي فيه الجاذبية. لهذا لن يكون للنظرية النسبية حول الزمكان وجود كما تصوره إينشتين. لأن هذا الكون المنضغط لن يعيش في زمن أو مكان إينشتين . لأنه سيصبح في الزمن الوجودي التقليدي الذي نعيش فيه وسيصبح الكون في أبعاده الثلاثة . لأن البعد الرابع الذي يرتبط بالمسافة والسرعة وهو الزمن لن يكون له وجود . لأن الكون سيصبح كتلة لاتتمدد في الزمان والمكان. وينطبق عليه الهندسة الإقليدية والفراغية التقليدية .وسيصبح بأبعاده الثلاثة كالطول والعرض والارتفاع إلي أن يغيره الله من حال إلي حال أو يدخل في مرحلة دورة تالية من الإنفجار والتمدد وإعادة تشكيله.

ماهو الزمن؟.

قال إينشتين : لوكان الكون بلامادة أو طاقة فإن الزمن لاوجود له . و يعتبر الزمن سمة الكون . فلقد بدأ مع بداية الإنفجار الكبيركما يقول العلماء. ولقد إسغرقت رحلة الإنسان مع الزمن عدة قرون وقد خضعت لحسابات دقيقة وتجارب عديدة. فلقد لاحظ الإنسان أن النباتات تخضع لمايسمي باليوم البيلوجي وهو يوم فسيولوجي وليس يوما فلكيا ويتسم بالإيقاع الحيوي داخل النبات أو الحيوان أو الطيور . لهذا أطلق عليه اليوم البيلوجي . فالنبات حساس للضوء أثناء النهار . لأنه يعرف متي يكون الليل أوالنهار . ونري بعض النباتات تطوي أوراقها في الظلام وتنشرها في الضوء .فنراها تأتلف مع ظلمة الليل وإمتداد النهار .وقد ملكت أمرها. وقد إكتشف الإنسان القديم الزمن مما حوله . فلاحظ أن الشمس تشرق صباحا وتغرب مساء . لهذا أوحت الطبيعة للإنسان بأهمية الوقت والزمن في وجودها . وقد لاحظ هذا من خلال ظواهر طبيعية . فلقد اعتبر النهار معاشا فكان يقوم مع أول ضوء ليسعي واعتبر الليل لباسا فكان يأوي لينام عندما يحل الظلام .ولاحظ دورة القمر فكان يراه هلالا ثم يراه بدرا ثم لايراه . وكان هذا توقيتا متزامنا ومتتابعا أمام ناظريه . ولاحظ دورة حيض المرأة كل شهر كما لاحظ دورة حياة النباتات من زراعة وتفتح الزهور والحصاد .ولاحظ أيضا مواسم المطروسقوط الثلوج ووقوع الفيضانات وهجرة الطيور . فأيقن أن في العالم حوله إيقاعات زمنية حياتية تفاعل معها ولفتت إنتباهة إلي أهمية الزمن في حياته وفي الظواهر الطبيعية التي كانت تتراءي له.وفي بدء الخليقة لم يكن يهمه سوي النهار والليل وكان يري دورة الشمس كاملة من الشرق عندما تشرق وترحل بالسماء ليراها في وسطها كما كان يراها تغرب تجاه الغرب . ومن هذا حدد الجهات الأصلية الأربعة من حوله . ثم أيقن أهمية تعرفه علي الزمن . فرآه إنعكاسا لدورات الشمس والقمر وتعاقب الفصول واعتبره دائرة تعاقبية كاملة . لأن الدوران فوق محيط دائرة يؤدي دائما لنقطة البداية . لهذا اعتبرت دورة الزمن تعاقبا أبديا حتي أن الفلاسفة القدماء أطلقوا عليه الزمن الدوري لهذا السبب. وكان الزمن مقياسا للحركة لأنه كان يعتبر بعدا كليا . لكنه تجرد من هذا المفهوم بعدما اعتبره الفلكيون الفيزيائيون إنسيابا إيقاعيا مطرد سواء كنا نياما أم أيقاظا . وسواء جرت الأشياء أو إستقرت . لهذا اعتبروه بعدا بذاته . فسموه الزمن الحقيقي أو الزمن المطلق أو الزمن الرياضي بعدما وضعوا له المعادلات الرياضية . كما لاحظوا أنه في الواقع محور في نسيج الطبيعة إذا اعتبرنا المكان محورا ثانيا فيه. ولم يعتبر العالم الرياضي ( ستيفان هوكينج ) الزمن كمطلق أوحد بالكون ولكنه اعتبر سرعة الضوء هي المطلق الأوحد فيه لأنها مؤكدة . فلايوجد سرعة بدون زمن رغم أن سرعة الضوء ثابتة لاتتغيرأبدا في الفضاء المفرغ . وكان (هوكينج) قد اعتبر نسبية أستاذه (إينشتين ) قد أقحمت علي كتل الأجرام الكبيرة بالكون خاصة وأن الجاذبية قد تؤثر علي الزمن أو الضوء فتطويهما . ففي وجود جسم نجمي كبير نجد أن الضوء يسافر لمسافة أبعد بين نقطتين بينما الزمن يبطيء. ويعتبر الزمن شيئا وهميا يصعب تعريفه . لكنه مسيرة الطبيعة لأنه يجعل الأشياء ضمن إطار الطبيعة لاتقع في وقت واحد . ويظن البعض أنه متمثل في دقات الساعة عكس علماء البيولوجيا . فتجدهم يعتبرونه دورات حياتية في النبات والحيوانات تتزامن مع الطبيعة . لكن إينشتين اعتبره بعدا رابعا في الكون كالطول والعرض والارتفاع للأشياء . لأنه يعطي معني للأحداث وينظمها حتي لاتقع دفعة واحدة . إلا أنه يتأثر بحقل الجاذبية الكونية وبجاذبية الأجسام والأجرام السماوية بالكون . و في الفضاء غير المحدود الحيز وليس له جهات أصلية أربعة كما هي معروفة فوق الأرض فعندما نسافر فيه فإننا سنفقد الشعور بالحركة ولن نتعرف علي التوقيت فيه كما تعارفنا عليه فوق الأرض . لأن التوقيت لايمكن التعلرف عليه من خلال النجوم والكواكب من حولنا إلا لو إستقرينا فوقها ويصبح لنا توقيتا آخر غير توقيتنا . لأن توقيتنا ينبع من وجودنا فوق الأرض . لأن شعورنا بالزمن فوقها نابع من تعاقب الليل والنهار . وهذا الشعور لانحس به في الفضاء . كما أن الأحياء فوقها تمتلك ساعات داخلية ذاتية تنبئها بالوقت. وهذا يعتبر بعدا ثانيا بعد البعد المكاني الذي يحدد لنا الارتفاع والإتساع . وعندما ننظر للفضاء فإننا لانري فيه سوي الماضي . أما الحاضر بمفهومه لدينا لاوجود له. لأن الحاضر هو زمن مكاني . وكلمة (الآن )لاوجود لها إلا في عقولنا وليس لها معني في العالم الخارجي ، لأن الزمن ليس شيئا حتي نصفه بالزمن المتحرك . فأنا جالس في مكاني فأنا في الحاضر لكن كل ما نراه حولنا فإنما في الواقع نري كل الأشياء في الماضي سواء منذ برهة أو ثوان أو دقائق أو سنين لأن الماضي والحاضر والمستقبل أزمان تظل متجمدة داخل نطاق الأبعاد الأربعة في كوننا أو أي كون آخر موجود . وهذا يعتمد علي بعد الشيء منا . لهذا تقدير الزمن بالكون مرتبط بالمسافة ورحلة الضوء من نقطة البداية حتي يقع علي عينينا لنري الصورة . لهذا مانراه في الكون هي صورة الشيء التي قطعت مسافات شاسعة حتي بلغتنا منذ زمن الرحلة . لهذا مانراه بالكون هو الماضي لأن حاضره لم يصل إلينا بعد. ولو وصل سيكون ماضيا . وتصور شخصا في مركبة فضائية يتوغل بها بالسماء . فكلما تعمق بالسماء وتوغل فيها كلما سارفي ماضي الكون و في مستقبلنا علي الأرض لأن الصور التي يراها هناك عن كثب سوف تأتي إلينا لاحقا . فكل مانراه بالكون نسبي ولانري فيه سوي الضوء والكهرومغناطيسية لمكونات الزمكان . وكان الزمن في بدء الكون صفرا وفي نهاية تمدده يصبح الزمن صفرا .وهذا المبدأ يمكن تطبيقه علي كوننا والكون الأعظم وتوابعه .فاذا كان كوننا قد تمدد لمسافة15 بليون سنة ضوئية في الزمان . فلوتقلص ليعود نفس المسافة لابد وأن يعود بنفس السرعة للمسافة صفر والزمن الكوني صفر . ويعتبر مؤشر الزمن في كوننا خطا مستقيما يبدأ من مرحلة (ألفا) لينتهي في مرحلة (أوميجا) . لهذا عندما يتراجع الزمن فإنه سيتراجع من نقطة (أوميجا) لينتهي الزمن التراجعي في نقطة (ألفا). ولهذا فالزمن حاليا يسير في المستقبل ليبلغ منتهاه لوكان تمدد الكون محدودا . وإحتمالية زمن الكون الأعظم هو أنه إتجه من الحالة (ألفا) حيث البداية باتجاه النقطة (أوميجا) لتكون حدوده بين هاتين الحالتين لوكان الكون مغلقا . لكن هل ينتهي الزمن بعد تراجعه في الماضي إلي النقطة (ألفا) ؟. وفي هذا نهايته ونهاية الكون أم أنه سينطلق من الحالة (ألفا) ثانية ليصبح الزمن ترددي ويظهر كون جديد؟ . وفي هذه الحالة سيكون الكون الجديد متجها في مرحلته الثانية باتجاه نقطة (أوميجا2)ليعود لسيرته الأولي وهكذا . فيصبح الزمن تردديا (نواسيا)مابين (ألفا) و(أوميجا). والزمن في أكوان الكون الأعظم بما فيها كوننا من المحتمل أن يكون متزامنا مع الزمن الكلي للكون الأعظم لوكان تمدده وتراجعه باتجاه تمدد وتراجع هذه الأكوان لأن هذا الكون الأعظم لابد وأن تكون طبيعته موحدة ومتناغمة . لهذا يمكن أن نطلق علي الزمن العام له بالزمن النواسي (Oscillating time) . وهذا معناه أن الزمن الكوني لايسير باتجاه واحد ولكنه زمن ترددي أو عكسي له دورات تذبذبية أشبه ببندول الساعة لو تصورنا أنه يتردد في خط مستقيم . وهذه الفرضية لو صحت . فهذه معناها أن الكون الأعظم وحتي كوننا داخله عمرهما أكثر مما قدره العلماء .لأن السؤال البديهي هو. في أي مرحلة زمنية الآن كوننا علي مؤشر الزمن الترددي العام و ضمن أي مرحلة من المراحل الترددية للكون العام .لهذا الزمن الذي قدره العلماء لكوننا يعتبر زمنا مرحليا وليس زمنا قاطعا أو مطلقا . وبهذا يمكن أن نعتبر نظرية النسبية لإينشتين هي نظرة محدودة لآفاق كوننا الحالي فقط . لأنها تعتبر كوننا هو الهيئة الشاملة للمكان وتاريخه هو الصورة الشاملة للزمان . لكن حسب مفهوم الكون النواسي نجد أن نظرة إينشتين نظرة محدودة لكون مرحلي في زمن جزئي من الزمن العام . ونشأة الكون الأعظم ونهايته حسب ما ذكرناه لاشأن للعلم بها لأنها شأن ديني وفلسفي بل ميتافيزيقي. لأن علوم الفيزياء والعلوم الطبيعية البحتة وضعت تصورا لكون منظور نسبيا ووضعت أطرا لمادة كونية حقيقية . وتقدم العلوم فيها بمثابة غزو بشري لعالم المادة وحقائقها . فعـلماء الطبيعة الكونية لايعترفون إلا بالقوانين الفيزيائية بالكون التي يوعزون إليها وجود الكون الذي يخضع لمقاييس محددة وقوانين ثابتة . وهذا ما يجعل الكون لايخضع للعشوائية . لأنه يسير في الزمن حسب قواعد مرعية ومنهجية متبعة . فالزمن بالكون نجده المسافة مقسومة رياضيا علي السرعة التي يسير بها الجسم . حتي الزمن علي الأرض يقاس بالمسافة التي تدور فيها حول ذاتها مقسومة علي سرعة دورانها حيث تدور دورة كاملة كل 24ساعة . ولنتصور مفهوم الزمن بكوننا أو الكون الأعظم فسنجده الزمن الترددي وهو الزمن العام أو الزمن الوجودي الذي يضم الزمن التمددي والزمن التوقفي والزمن الارتدادي (التراجعي). فلو اعتبرنا أن بداية الزمن كانت من حالة ألفا عند بداية ظهور الكون كذرة مندمجة ثم الإنفجار الكبير ثم ظهور الحساء الأولي ثم تمدده في الزمن حتي توقفه في مرحلة أوميجا . فهذا الزمن يطلق عليه الزمن التمددي للكون . أي بدأ الكون من الزمن صفر ليصل في الزمن في النقطة صفر حيث نهايته . ومن هذه المرحلة صفر يظل الزمن التمددي متوقفا في مرحلة زمنية إستعدادا للعودة في الزمن ليتقلص وينكمش حتي يعود ويصل إلي مرحلة ألفا. فمرحلة التوقف للكون مابين عدم التمدد وبداية الرجوع تعتبر الزمن التوقفي الذي يكون فيها الكون في حالة إندماجية ضاغطة بعدها ينفجر لشدة المقازمة الداخلية ليبدا الزمن الارتدادي للكون باتجاه عكسي للوصول إلي نقطة ألفا في الزمن الارتدادي له .وعندما يتوقف الكون في نقطة ألفا فإنه يعود لمرحلة الزمن التوقفي الثاني ليعاود إمتداده ليصل للنقطة أوميجا ثانية وهكذا . مما يجعل الزمن الكوني زمنا تردديا . الزمن الترددي =المسافة من ( ألفا_اوميجا )+المسافة من (أوميجا –ألفا )+ المسافة من (ألفا –أوميجا ) +…+… وهكذا . أي أن الكون ينحصر مابين المسافة بين ألفا وأوميجا يتردد ذهابا وإيابا . بهذا يكون الكون متحيزا . وهناك تصور آخر للزمن الكوني وهو مانسميه بالزمن الخطي ( الطولي) . وفيه ينطلق الكون من مرحلة ألفا ليتمدد ليصل منتهاه وأوج إنتفاخه ثم يعود لينضغط علي ذاته في نفس الاتجاه ليصل لمرحلة أوميجا حيث يتوقف عن التمدد ويتوقف الزمن التمددي لحين حتي يصل مرحلة يمكن أن نطلق عليها ألفا 2ليعاود الكون المنضغط ثانية محدثا إنفجارا ثانيا ليتمدد وينتفخ ثم ينكمش ليصل لمرحلة أوميجا 2. وهكذا. وبالتالي نجد أن مفهوم الزمن الترددي لم يعد له وجود ولكن الزمن في هذه الحالة يمكن أن نطلق عليه الزمن الخطي المتتابع ويتكون من : زمن مرحلة (ألفا 1- أوميجا1 ) + زمن مرحلة التوقف 1+زمن مرحلة (ألفا2-أوميجا 2)+ زمن مرحلة التوقف 2+ زمن مرحلة (ألفا3-أوميجا3)+..+..إلي نهاية الكون . وقد يكون زمن مرحلة التوقف لاوجود له ليصبح حسب هذا التصور خاضعا لنظرية الكون المنتفخ . فنراه قد بدأ كذرة (أ1) وتمدد منتفخا ليصل أوج إنتفاخه في المرحلة (ب1) ثم يعود للإنقباض ليصل إلي ذرة (أ2) ثم يعود للإنتفاخ ليصل في الأوج الإنتفاخي (ب2)ثم ينقبض ليصل إلي ذرة(أ3)وهكذا. وفي هذه الحالة يصبح الكون كونا تموجيا ولايتوقف فيه الزمن حتي يبلغ الكون منتهاه ونهايته . والسنة الضوئية قدرت حسب سرعة الضوء(186 ألف ميل ثانية ( تعادل 300ألف كم /ثانية ) وهي تعادل المسافة التي يقطعها في عام . واعتبرت كوحدة قياس لأبعاد وعمر الكون .ويعتبرها علماء الفلك وحدة قياس طولية . لأنهم يقيسون المسافات بالسرعة الكونية للضوء وحسب أبعاد السنين الضوئية . فما يقال بأن عمر الكون 15 بليون سنة ضوئية مقولة فيها شك . لأن الكون قد يكون في مرحلة زمنية من الزمن الترددي أو الزمن الخطي المتتابع . وهذا مالايمكن معرفته ونحن قابعون داخل إطار كوننا . فالأرض قدرت أزمانها الجيولوجية وقدر عمرها من خلال الحفائر التي قيست أزمانها بالكربون المشع أو بأي وسيلة أخرى. لأن الزمن فوقها نسبي ونقيسه حسب رؤيتنا لليل والنهار وإحساسنا به يتم من خلال هذه الرؤية . لأن هيئة الأرض ونظامها الفلكي يحددان طول اليوم . لكن العلماء رغم هذا يعتبرون الأرض ميقاتا شاردا . لأن الظواهر الطبيعية فوقها كالجزر والمد والثلوج والعواصف وتنوع الطقس تؤثر علي حركة دورانها وتقلل من سرعتها لتفقد جزءا ضئيلا من الثانية كل قرن. لهذا يعتقد علماء الفيزياء الجيولوجية أن الأرض منذ بليون سنة كان نهارها 20ساعة وخلال 200 مليون سنة القادمة سيصبح نهارها 25ساعة . وبنظرة عامة نجد أن الزمن بالنسبة لنا ونحن قابعون فوق الأرض هو إنعكاس لدورات الشمس والقمر وتعاقب الفصول . لهذا يعتبره البعض دائرة تعاقبيه كاملة . لأن محيط الدائرة يعود دائما لنقطة البداية . لهذا تعتبر دورة الزمن الأرضي تعاقبا أبديا . لهذا أطلق عليه الفلاسفة من قبل الزمن الدوري لهذا السبب . واختراع الإنسان للساعات جعل الزمن موضوعيا في حياته . لأنه إستغني فيه عن مراقبته لإيقاعات الطبيعة لتحديد أوقاته . لكن مع اختراع الساعات أصبح للزمن بعد موضوعي جعلنا نحس به في حياتنا سواء في العمل أو البيت أو بالخارج. لأن الساعات أصبحت تنظم حياة الإنسان لأنها تعبر عن الحاضر أينما كان . وكان الزمن بصفة عامة مقياسا للحركة.لأنه كان يعتبر بعدا كليا لكنه تجرد من هذا المفهوم بعدما اعتبره الفلكيون الفيزيائيون بأنه إنسياب إيقاعي مطرد سواء كنا نياما أم أيقاظا وسواء جرت الأشياء أم إستقرت . لهذا جعلوه بعدا بذاته فسموه الزمان الحقيقي أو المطلق أو الرياضي . لأنه في الواقع محور في شبكة الطبيعة إذا نظرنا للمكان كمحور ثان بها. فالزمن ليس حلقة مغلقة . ولو كانت فهذا معناه أن أحداث الماضي بالنسبة لنا سنراها داخل هذه الحلقة كأحداث للمستقبل .أي أن لو نظرنا لأحداث ماضينا من الفضاءإفتراضا فسنجدها أحداثا مستقبلية . لكن الأديان حددت بداية الزمن مع بداية الخلق ونهايته في يوم القيامة والحساب . ومن خلال هذا المفهوم الديني أو النظرة الكونية نجد أن الزمن خطي له بعد واحد وهو بعد طولي في خط مستقيم . فالزمن يسير فوق الأرض لأن الوقت يمضي . لهذا يعتبر العلماء أن الزمان المطلق زمان رياضي (حسابي ) يتسم بالديمومة وينبض بالثواني . فالساعة ساعة والدقيقة دقيقة والثانية ثانية . وهذا التقسيم الحسابي موجود في منظومة الكون سواء في الفضاء أو فوق الأرض . لأن الزمن خطي في اتجاه واحد يقع عليع الماضي والحاضر والمستقبل . فهو آلة قياس وليس تدفقا مطلقا أو مادة . لأنه بدون حادثة أو ظاهرة كونية أو أرضية لايوجد زمن . لهذا اعتبر الوجه الثاني للطبيعة .لأنه ليس أساسيا في مظاهرها . ولمعرفة عمر كوننا لابد وأن نعثر علي أقدم مادة به ونقيسها . وفي تصوري أن المادة السوداء ستكون مفتاح قياس الزمن الكوني . لكن علي كل حال كوننا لاشك أحدث عمرا من الكون الأعظم.

شواهد الكون الأعظم

===

منذ سبعين عاما تحول علم الكون من مجرد نظريات وفرضيات إلي منظور بصري مثير بعد فك شفرة لغته وقراءة ملف تطوره عندما كان الزمن صفرا وعندما أخذ يشكل هيئته في أعقاب الإنفجار الكبير .وقيل أن الزمن كما يفترضه العلماء قد بدأ لحظة بداية هذا الإنفجار إلا أننا نجده في الواقع قد بدأ منذ إنبلاج الذ رة الكونية الأولي من العدم حيث كانت فيه معدومة .لهذا نجد العلماء قد أسقطوا الزمن الذي كانت فيه هذه الذرة واعتبروه نسيا منسيا من زمن عمر الكون الذي قدروه 15 بليون سنة ضوئية منذ واقعة الإنفجار الكبير مما يجعله زمنا منقوصا وغير حقيقي حيث إرتضاه العلماء علي عواهنه . لكن الزمان يضم العدم والوجود وهذا مايطلق عليه الفلاسفة الزمن السرمدي وزمن الكون جزء لاحق فيه. والعدم ميتافيزيقي لايعرف كنهه والوجود حقيقي متمثلا في الكون وهذا مايعرف بالفيزياء أو الطبيعة(الفلك). فالكون الأعظم لو تصورناه ذرة مندمجة ومنضغطه في البدء ثم تفجرت في إنفجار أعظم (Biggest bang أشبه بالذرة الأولي في كوننا . فهذا معناه أن قوانين الطبيعة كانت قائمة قبل بداية تفجر كوننا فيما يقال بالإنفجار الكبير( Big bang ) الذي خضع لقوانين فيزياء الكون الأعظم . كما أن الزمن الكوني نجده يعود للحظة إنفجار هذا الكون الأعظم في الزمن السرمدي . فإذا كان يقال أن عمر كوننا 15 بليون سنة ضوئية فعمر الكون الأعظم سيكون بلايين البلايين من بلايين السنين الضوئية . فالعلماء بنظرتهم لكوننا يتعاملون مع زمن قصير من عمر الكون الأعظم . وإذا تصورنا أن بدايته ذرة منضغطة . فهذا معناه أن كتلته تعادل كتلة الكون الكبير بما فيه من عوالم كونية أخرى .لأن كتلة الكون في شتي مراحل نشأته وتطوره ثابتة ولا يتغير بتمدده سوي كثافته التي تقل مع تزايد حجمه وثبات كتلته . لهذا الكون الأعظم كانت كثافته أكبر مما هو عليه حاليا .ولنتصور كثافة الكون نجد أن الأرض مثلا .. لو انكمشت لتكون في حجم بيضة فإن كثافتها ستصبح مليون مرة ضعف كثافتها حاليا.وهناك الكثافة الحرجة للكون ولا تتجاوز مائة مرة كثافة أجسام المادة الضوئية به كمادة النجوم وغيرها . وما يقال عن الإنفجار الكبير بكوننا مازال ملاحظات . لأن قبول النظريات والملاحظات حوله علي عواهنها علي أنها حل مقبول ولهذا اعتبرت نظرية الإنفجار الكبير كأحسن نموذج للكون .فلو كان قد أسفر عن ظهور كوننا كما يقال إلا أنه لاتوجد دلائل قاطعة علي وقوعه . لكن كل ماقيل عنه عبارة عن شواهد حدسية من بينها ظلمة السماء وثابت (هبل) ونظرية الإنزياح الطيفي الأحمر للنجوم ونظرية تناسق الكون وتمدد الزمن في أقواس الضوء بالمستعرات العظمي . وما يشير حدوث الإنفجار الكبير مصدر الموجات الراديوية ووجود الجسم الأسود (CMB )مما قد يدل علي أن الكون قد نشأ من حالة كثيفة ومتساوية الحرارة ووفرة نظائر الهيليوم والليثيوم وغيرها من النظائر الخفيفة . وتحديد عمر كوننا يعتمد علي مسارات الضوء في الماضي مع إفتراض أن مساراته في خطوط مستقيمة ثابته وخالية لايعترضها شيء . إلا أن الضوء كطبيعته يخضع للإنعكاس والإنكسار عتدما يقع علي جرم عاكس له كالمرآة . فالأضواء التي تنبعث من النجوم سوف تتعرض إلي الإنعكاسات الضوئية عندما تقابلها أجرام أخرى أشبه بضوء الشمس عندما يقع علي سطح القمر فيضيء لأنه مرآة عاكسة .كما أن الضوء يمر بكثافات مختلفة لمواده وغبار كوني منتشر بالكون يشتته . لهذا الضوء في الفضاء والمنبعث من النجوم لايسير في خط مستقيم ولكنه سيسير في خطوط إنعكاسية وإنكسارية مما قد يطيل مسافاته مما لايعطينا المسافات والزمن الكوني بدقة . لهذا نجد أن المعطيات حول قياسات أو أبعاد الكون أو الزمن التقديري لعمره إعتمادا علي الضوء المنبعث من النجوم القديمة ستكون معلومات غير دقيقة وغير حقيقية. وحسب قوانين الإنعكاس والإنكسار الضوئي نجد أننا لانري النجوم والأجسام الفضائية في مواقعها الحقيقية . لأن صورة السماء كما نراها فوقنا صورة مرآتية داخل كرة الكون ولايمكن تحديد مراكز الأجرام بها . وعندما نتطلع للسماء من فوق الأرض . فإننا نعتبرها تجاوزا مركز الكون ومنها نقيس أبعاد ومسافات المجرات . وما نقيسه ليس قطر الكون في كل اتجاه بالنسبة لموقعنا علي الأرضالتي تعتبر بالنسبة لحجم الكون ذرة غبار متناهية فيه أطلقنا عليها كوكب الأرض وتدور حول الشمس وتقع في أقصي جزء من مجرتنا المظلمة

الزمن الضائع 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الجنة دار الأبرار والطريق الموصل اليها

  ➌ الجنة ومتاعها والنار وسوء جحيمها عياذا بالله الواحد. {{ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِ...